«البهرة» فرقة غامضة تنسب نفسها لآل البيت وتنتشر عالميًا منذ نشأتها بالهند

تعد طائفة البهرة إحدى الطوائف الدينية المرتبطة بالمذهب الشيعي الإسماعيلي، ولها تاريخ طويل ومعقد بدأ في الهند وانتشر إلى مناطق عديدة حول العالم، تعتنق الطائفة عقائد خاصة بها تميزها عن باقي فرق الشيعة والإسماعيلية، حيث يؤمنون بسلسلة من الأئمة المستورين الذين ينحدرون من الإمام الطيب بن الآمر، ورغم الانتقادات التي تواجههم، لا يزال أتباعهم محافظين على وجودهم بقوة.

طائفة البهرة فرقة دينية نشأت بالهند وانتشرت عالمياً

البهرة هم فرقة تنتمي إلى الإسماعيلية المستعلية التي دافعت عن إمامة المستعلى بالله بعد وفاة الخليفة المستنصر بالله في القرن الخامس الهجري، انقسمت الطائفة بعد ذلك إلى فرقتين رئيسيتين: الداوودية المتركزة في الهند وباكستان، والسليمانية التي تتمركز في اليمن، تميز أتباع البهرة بالاندماج في المجتمعات الهندوسية عند انتقالهم للعمل بالتجارة في الهند، مما جعل تسميتهم مشتقة من كلمة “بهرة” التي تعني التاجر باللغة الهندية.

يصف أتباع البهرة أنفسهم بأنهم مرتبطون بحب آل البيت، إلا أن هناك خلطاً كبيراً في معتقداتهم بين العقيدة الإسلامية الأساسية وبعض التفسيرات الباطنية الخاصة بهم، حيث يؤمنون بإمامة مستترة للإمام الطيب وأبنائه، ويظل أئمتهم مجهولي الهوية عند العامة وحتى عند غالبية أتباعهم، مما يزيد من الغموض حول تاريخ تلك الطائفة.

تصورات عقائدية مثيرة حول البهرة

تُعتبر طائفة البهرة محوراً للجدل داخل الأوساط الإسلامية السنية خاصة، إذ يتهمها البعض بأنها باطنية تضم عناصر مغالية في العقيدة، لا تصلي في مساجد المسلمين وتتوجه صلاتهم نحو الإمام المستور من نسل الطيب، ويتم تقديم الكعبة لديهم كرمز للإمام المستور وليس كبيت الله الحرام، يذهبون إلى الحج كغيرهم من المسلمين، لكن عقيدتهم في تأويل مناسك الحج تثير الكثير من التساؤلات، وقد صدر بحقهم عدد من الفتاوى التي تعتبرهم خارجين عن الإسلام وتمنع الزواج منهم أو أكل ذبائحهم.

رغم ذلك، استطاعت الطائفة الحفاظ على وجودها بفضل طبيعتها التنظيمية واعتمادها على التجارة كمصدر اقتصادي قوي، إلى جانب الولاء المطلق لقادتهم الملزم لجميع الأتباع بالبقاء ضمن المذهب دون خروج، مما يجعل الانتماء للطائفة أمراً إلزامياً وليس اختيارياً.

طائفة البهرة المستعلية في مصر

لم تحظَ البهرة في مصر بشعبية كبيرة مقارنة بالطوائف الشيعية الأخرى مثل الإسماعيلية، ويرجع ذلك إلى النفور من الغلو الذي يميز هذه الطائفة، حيث يعكس المجتمع المصري طبيعة محافظة تُعارض التشدد أو الخروج عن الأسس الإسلامية الموروثة، وتبقى فكرة إمامهم الغائب نقطة جدلية كبيرة مقترنة بعدم وجود أي دليل تاريخي يُثبت نسب أئمتهم إلى آل البيت، مما يجعل كثيراً من المزاعم المذهبية لهذه الطائفة مثار شك وسخرية.

تلعب عوامل اقتصادية وعاطفية دوراً في استمرار وجود البهرة داخل مصر وخارجها، حيث يشتهر أتباعهم بالرخاء الاقتصادي، كما أن طبيعة مذهبهم تمنع الأفراد من الخروج إلى أي مذهب آخر حتى لو كان شيعياً، لتظل الطائفة مغلقة على نفسها ومنفصلة عن السياق الإسلامي العام.