«حقائق صادمة» الهاتف الذكي كيف يؤثر على نمو عقول الأطفال؟

تظهر العلاقة المعقدة بين الصحة النفسية لدى الأطفال واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي كموضوع يستحق الدراسة والاهتمام، وفقًا لدراسة حديثة أجراها فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، تشير هذه الدراسة إلى أن كثرة استخدام الأطفال لمنصات التواصل مثل “تيك توك” و”إنستغرام” قد ترتبط بتفاقم أعراض الاكتئاب لديهم، مما يعيد فتح النقاش حول التأثيرات النفسية لتلك المنصات على الأجيال الناشئة.

تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الاكتئاب لدى الأطفال

اعتمد الباحثون في دراستهم على تحليل بيانات 11876 طفلاً أمريكيًا تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عامًا، حيث استمرت الدراسة لمدة ثلاث سنوات بهدف استكشاف العلاقة بين الاكتئاب واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، خلافًا لما كان يعتقد سابقًا، أظهرت النتائج أن الأطفال الذين يعانون من الاكتئاب في سن صغيرة ليسوا الأكثر ميلًا لاستخدام وسائل التواصل عند دخولهم سن المراهقة، ومع ذلك، الأطفال الذين يقضون وقتًا مطولًا على تلك المنصات بدءًا من عمر 12 عامًا أظهروا معدلات أعلى من الاكتئاب لاحقًا.

زيادة الوقت المخصص لمواقع التواصل وتأثيره النفسي

تشير الدراسة إلى أن متوسط الوقت الذي يقضيه الأطفال على وسائل التواصل الاجتماعي شهد قفزة كبيرة من 7 دقائق يوميًا في سن التاسعة إلى أكثر من ساعة يوميًا في بداية المراهقة، يعتقد الباحثون أن هذه الزيادة المفرطة في زمن الشاشة ربما تطيل تعرض الأطفال لعوامل خطر نفسية مثل التنمر الإلكتروني وقلة النوم، وهما عاملان مرتبطان بشكل كبير بظهور الاكتئاب بين المراهقين.

التنمر الإلكتروني وخطره على الصحة النفسية

وفقًا لدراسات ذات صلة، الأطفال الذين يتعرضون للتنمر الإلكتروني بين سن 11 و12 عامًا يصبحون أكثر عرضة لمحاولات الانتحار بمعدل 2.5 مرة خلال عام واحد مقارنة بأقرانهم، هذا يضيف بعدًا جديدًا للمخاطر الناتجة عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام، ويكشف عن أهمية تقليل زمن الشاشة لضمان استقرار الحالة النفسية للأطفال في هذه المرحلة الحرجة من حياتهم.

مخاوف حول تقنين استخدام مواقع التواصل

يرى الباحثون أن منصات التواصل لا تزال الوسيلة الأساسية لتفاعل الأطفال مع أقرانهم، مما يجعل من الصعب تقنينها أو الحد من تأثيراتها السلبية، وأوصوا الآباء باتخاذ خطوات بسيطة وفعّالة لتقليل تأثيرها من خلال تخصيص أوقات خالية من الشاشات أثناء تناول الطعام أو قبل النوم، إلى جانب الانفتاح على حوارات صريحة وغير انتقادية مع الأطفال حول استخدامهم للإنترنت.

انتقادات وحدود الدراسة

ليس جميع الخبراء مقتنعين بنتائج الدراسة، حيث أشار البروفيسور كريس فيرغسون من جامعة ستيتسون إلى أن العلاقة بين استخدام مواقع التواصل والاكتئاب ضعيفة للغاية وربما تكون نتيجةً لضوضاء إحصائية، كما أن الدراسة واجهت قيودًا؛ منها اعتمادها على مدى صدق الأطفال في الإبلاغ عن استخدامهم للمنصات الرقمية، وغموض تأثير الأجهزة الإلكترونية أو توقيت الاستخدام على نفسيتهم، رغم أن الدراسة تقدم رؤى هامة، تبقى الحاجة قائمة لإجراء مزيد من التحليل التفصيلي.