«تحركات واشنطن» المشهد السياسي الليبي هل تتغير خارطة الطريق الجديدة

تخطو الولايات المتحدة خطوات لافتة في الملف الليبي، وهو ما بدا واضحًا من خلال زياراتها الأخيرة وإطلاق تصريحات دبلوماسية تؤكد رغبتها في إعادة استقرار الأوضاع بالبلاد، يأتي ذلك بالتزامن مع التحركات الرامية إلى تشكيل خارطة طريق جديدة تهدف لتأسيس حكومة تكنوقراط مصغرة تشرف على الانتخابات بشكل منظم خلال السنوات الخمس القادمة، بما يعكس تحولًا في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه ليبيا.

إعادة تشكيل المشهد السياسي في ليبيا

تشير تصريحات أسمهان بالعون، عضوة مجلس النواب الليبي، إلى أن الولايات المتحدة تعمل بشكل مباشر لتشكيل مسار سياسي جديد في ليبيا، حيث أكدت أن زيارة السفينة الحربية الأمريكية للسواحل الليبية وتصريحات مستشار الأمن القومي بولسن حول ضرورة الحل السلمي توضح جدية هذا الاهتمام، وتسعى واشنطن عبر خططها إلى تحقيق التهدئة ودعم اتفاق سياسي جديد يشكل حجر الأساس لحل الخلافات الدائرة، مع اتخاذ خطوات عملية تعكس قوة التوجه الأمريكي تجاه تحقيق إصلاح سياسي واسع النطاق.

حكومة تكنوقراط مصغرة تحت الإعداد

وفقًا لما أوضحته بالعون، فإن أبرز ملامح خارطة الطريق الأمريكية تشمل تشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة تأخذ على عاتقها مسؤولية الإعداد لمرحلة انتخابية نزيهة تستمر لسنوات، ويبدو أن هذه الخطة تهدف إلى تجاوز التعقيدات الحالية التي تواجهها الحكومة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لاسيما مع ازدياد المطالب الشعبية للإصلاح ومعالجة الفوضى السياسية، وتأتي هذه الخطوات ضمن رؤية جديدة لتعزيز الثقة بين الأطراف السياسية وضمان الاستقرار المستدام في البلاد.

مخاطر هشاشة المشهد الأمني

ورغم تلك التحركات السياسية، حذرت بالعون من هشاشة الأوضاع الأمنية في ليبيا التي قد تؤدي إلى تصعيد جديد في حال فشل التفاهمات بين الأطراف المتصارعة، وعلى الرغم من التزام الكيانات بوقف إطلاق النار الحالي، فإن إمكانية اندلاع مواجهات مسلحة جديدة تبقى قائمة في الأفق المتوسط إذا لم تُدعم هذه الجهود بحلول سياسية وأمنية شاملة، وأكدت على أهمية دور المؤسستين العسكرية والمالية في تحقيق توازن يحد من احتمالية التصعيد.

الأزمة الاقتصادية تواجه تحديات كبرى

سلطت بالعون الضوء على التحديات الاقتصادية التي تعانيها ليبيا، مشيرة إلى أهمية اتخاذ إجراءات فورية لدعم الاقتصاد، وذلك في ظل التراجع المحتمل لإيرادات النفط وضخامة الإنفاق العام الذي يثقل كاهل الموازنة، ودعت مصرف ليبيا المركزي لاتخاذ خطوات عاجلة لحماية الدينار الليبي من الانهيار، مؤكدة أن عدم الالتزام بالحلول الاقتصادية العاجلة سيؤدي إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي مع نهاية العام.

دور الولايات المتحدة في تعزيز الاستقرار الليبي

تمثل التحركات الأمريكية في ليبيا دليلًا واضحًا على أهمية ملف الاستقرار الليبي ضمن أجندتها الخارجية، فهي تستثمر سياسيًا ودبلوماسيًا لدعم الحوار السياسي، وضمان انتقال ليبي نحو مستقبل أكثر تنظيمًا واستقرارًا، ورغم التحديات الراهنة، فإن التعويل على جهات دولية كواشنطن يمكن أن يسهم في إحراز تقدم بالملف الليبي إذا ما تمت إدارة العلاقات بما يخدم مصالح البلاد.