ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأسمنت بالسعودية.. ما الذي دفع الأسعار لأعلى مستوى منذ أكثر من عقد؟

ارتفاع أسعار الأسمنت في السعودية لأعلى مستوى منذ 12 عامًا يعكس تطورات مهمة في سوق مواد البناء وتحركات اقتصادية جوهرية أثرت على الصناعة المحلية؛ فقد تجاوز متوسط سعر كيس الأسمنت (50 كجم) في النصف الأول من عام 2025 قيمة 14.45 ريال، مسجلًا بذلك ارتفاعًا سنويًا بنسبة 1%، وهو ما يعكس تحسنًا في أسعار الحديد والخرسانة والألمنيوم، إلى جانب التغيرات في استراتيجيات الشركات وزيادة الطلب المحلي.

عوامل تصاعد أسعار الأسمنت في السعودية وتأثيرها على سوق مواد البناء

تشهد أسعار الأسمنت في السعودية ارتفاعًا غير مسبوق، مدعومًا بتحسن أسعار مواد البناء الأخرى مثل الحديد والخرسانة والألمنيوم، وكذلك خروج شركات الأسمنت من “حرب الأسعار” التي استمرت لسنوات مع تقليص هوامش الربح. وقد ارتفع الطلب المحلي للأسمنت بنسبة 13% منذ بداية 2025، وبلغت الزيادة 39% فقط في أبريل، وهو ما يعكس نشاطًا قويًا في قطاع الإنشاءات داخل المملكة. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج، لا سيما أسعار الوقود والمواد الأولية، مما ساهم في رفع السعر النهائي لكيس الأسمنت على المستهلك.
وقد سجلت مبيعات شركات الأسمنت الـ17 في السعودية 4.3 مليون طن خلال شهر أبريل، بزيادة 39% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، غير أن أرباح الشركات المدرجة في السوق السعودية تراجعت بنسبة 16% في الربع الأول لتصل إلى 650 مليون ريال، بالرغم من نمو المبيعات بنسبة 5%. كما أشار رؤساء شركات الأسمنت إلى التزامهم بتحسين سوق أكثر تنافسية وتعزيز الجودة، مع توقع نمو الطلب بنسبة تزيد على 15% في منطقة الرياض. وتشير تحليلات “أرقام بلس” إلى أن تزايد الطلب سيستمر بدعم المشاريع الضخمة مثل “إكسبو 2030″ و”نيوم”.

تطورات مالية وصناعية تدعم اقتصاد السعودية وسط ارتفاع أسعار الأسمنت

في ظل هذه الزخم في قطاع الأسمنت، أعلن المركز الوطني لإدارة الدين عن إصدار صكوك جديدة بقيمة 60.3 مليار ريال مع شراء مبكر لصكوك بقيمة 60.4 مليار ريال مستحقة بين 2025 و2040، موزعة على خمس شرائح بأجل استحقاق طويل، بمشاركة بنوك وشركات مالية رائدة.
على الجانب الصناعي، تعزز السعودية مكانتها عبر إطلاق أكبر خط إنتاج لأنظمة التبريد المبردة بالهواء بطاقة إنتاجية 600 طن من قبل “جونسون كنترولز العربية”؛ يستهدف هذا المشروع تلبية الطلب المحلي والتصدير للسوق الأمريكية، مع اهتمام بمشاريع استراتيجية مثل “أمالا” و”البحر الأحمر”. كذلك، تدعم وزارة الصناعة قطاع التصنيع المحلي من خلال خدمة “وفرة” عبر منصة “صناعي” التي توفر 97% من المواد البتروكيماوية الأساسية للمصنعين خلال يومين، ما يعزز استمرارية الإنتاج في الصناعات الكيميائية المتخصصة.

التحولات في سوق الأسمنت السعودي وأثرها على قطاع السيارات والأسهم المحلية

يؤثر ارتفاع أسعار الأسمنت في السعودية على العديد من القطاعات، ويظهر ذلك في تعاون سعودي-صيني لتحسين خدمات ما بعد البيع لمستهلكي السيارات الصينية، في ظل ارتفاع واردات المملكة من هذه المركبات بنسبة 35% العام الماضي، مع علامات تجارية مثل “جيلي” و”إم جي” التي تُحقق نجاحًا في السوق المحلي.
في سوق الأسهم السعودية، سجل المؤشر تراجعًا بنسبة 1.7% إلى 11000 نقطة، وسط نشاط ملحوظ في الطروحات، حيث أعلنت شركة “الحلول المتسارعة للاتصالات وتقنية المعلومات” عن طرح أسهمها في السوق الموازية (نمو) بسعر 27 ريالًا للسهم، مع تغطية تجاوزت 208%. كما أعلنت شركات كـ”موبايلي” و”بوبا العربية” عن خطط لشراء أسهم ضمن برامج الموظفين، في وقت تشهد تحركات مماثلة من شركات أخرى مثل “الوقت للفعاليات الترفيهية” و”بنان العقارية”.

• تحسن أسعار مواد البناء الأخرى (حديد–خرسانة–ألمنيوم)
• صعود تكاليف الإنتاج والمواد الأولية والوقود
• خروج الشركات من حرب الأسعار الضاغطة لهوامش الربح
• تصاعد الطلب القوي بدعم المشاريع الوطنية الكبرى
• إصدارات مالية لتعزيز السيولة والسياسات الاقتصادية

ارتفاع أسعار الأسمنت في السعودية يعكس ديناميكية نشطة في سوق مواد البناء والاقتصاد المحلي، حيث تتقاطع عدة عوامل مالية وصناعية تدفع السوق نحو مزيد من النمو والتحديات، مع توقعات باستمرار زيادة الطلب خاصة في المناطق الكبرى، وتأثيرات واضحة على قطاعات متعددة بينها السيارات والأسهم، مع استمرار التطوير والتحديث للحفاظ على تنافسية السوق وجودته.