عودة الغاز الإسرائيلي إلى مصر حتى عام 2040.. فما هي الدوافع وراء هذا القرار في الوقت الحالي؟

تعاقدت مصر على تعديل اتفاق استيراد الغاز من إسرائيل، في خطوة تُعد الأكبر في تاريخ التعاون الطاقي بين البلدين، مما أثار تساؤلات عدة بشأن الدوافع والأهداف من هذه الخطوة، خاصة في ظل التوترات الحالية بسبب الوضع في غزة، وتمسك القاهرة بموقفها ضد مطامع تل أبيب. ووفقًا لما أعلنته شركة نيو ميد إنرجي الإسرائيلية، فإن الاتفاق المعدل مع شركة أوشن إنرجي المصرية سيساهم في إضافة كميات ضخمة من الغاز تصل إلى 4.6 تريليون قدم مكعب، أي ما يعادل حوالي 130 مليار متر مكعب، وذلك على أن يتم تنفيذ هذه الإضافات على مراحل.

في المرحلة الأولى، من المتوقع أن يتم تصدير ما يقرب من 706 مليارات قدم مكعب من الغاز، أي ما يعادل 20 مليار متر مكعب، فور بدء تنفيذ التعديلات الجديدة. وفي تصريحات للمهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أوضح أن هذه الصفقة تأتي في إطار حاجة مصر الملحة لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي لتلبية متطلبات الصناعة والمنازل والمركبات، فضلاً عن التزاماتها بتشغيل محطتي إسالة في دمياط وإدكو، مما يجنبها التعرض لتحكيم دولي الذي قد يكلفها 2.25 مليار دولار.

هل توجد بدائل للغاز الإسرائيلي؟

أشار يوسف إلى عدم وجود بدائل حقيقية لهذه الصفقة، حيث إن استيراد الغاز الطبيعي المسال من الخارج يتطلب شحنًا بحريًا من مناطق الإنتاج بجانب الحاجة إلى ناقلات إعادة التغويز، التي تكلف كل منها نحو 200 ألف دولار يوميًا، مما يرفع تكلفة الاستيراد إلى 13-14 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية، بينما تصل التكلفة عبر هذه الصفقة إلى حوالي 7.4 دولار فقط، ما يعتبر فائدة كبرى للموازنة العامة للدولة.

تبلغ قيمة الصفقة نحو 35 مليار دولار على مدى 15 عامًا، وهو مبلغ لا يبدو كبيرًا مقارنة بتكاليف استيراد الغاز المسال التي يمكن أن تتجاوز هذا الرقم في عام واحد، حيث يتم توريد حوالي 2500 مليون قدم مكعب من الغاز المسال يوميًا، بينما لا تتجاوز الكميات في الصفقة الأخيرة 840 مليون قدم مكعب يوميًا.

  • تأمين احتياجات المصانع والمنازل من الغاز الطبيعي.
  • التزام مصر بتشغيل محطتي الإسالة في دمياط وإدكو.
  • التحكم في جزء من الاقتصاد الإسرائيلي من خلال هذا التعاون.

عند النظر إلى خطوط الإمداد الحالية، بدأت إسرائيل بالفعل بضخ الغاز من حقل ليفياثان إلى السوق المصرية منذ عام 2020، حيث تم تسجيل حوالي 23.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بموجب اتفاقية سابقة تقضي بتوريد 60 مليار متر مكعب بمتوسط 4.5 مليار متر مكعب سنويًا حتى العقد الرابع من القرن الحالي.

كيفية تعزيز إمدادات الغاز الطبيعي لمصر

تمتلك الحكومة خططًا لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال حتى نهاية عام 2026 عبر التعاقدات مع عدد من الشركات العالمية، كما تعتزم استئجار وحدة خامسة لتغويز الغاز لاستقبال شحنات الغاز المسال المتبقية. هذا بالإضافة إلى طرح مزايدة جديدة لجذب الاستثمارات في قطاع الطاقة، وزيادة إنتاج الغاز من خلال تطوير الحقول.

أكد الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أن هذا التعاقد مع الجانب الإسرائيلي حتى عام 2040 لتوريد نحو 600 مليار متر مكعب من الغاز يعود بالنفع على الاقتصاد المصري. وبالنظر إلى الترتيبات الإقليمية، فإن هناك مشروعًا لإنشاء خط أنابيب لنقل الغاز الذي سيعزز من الخيارات المتاحة لمصر ويضمن استقرار إمدادتها من الغاز بأسعار تنافسية.

العلاقات الاقتصادية ودور الغاز الإسرائيلي في مصر

أوضح القليوبي أن اعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي أقل من 13.5% من احتياجاتها، مما يعني أنها ليست معتمدة عليه بشكل رئيسي، حيث تمتلك عدة مصادر مثل الغاز القبرصي واليوناني. ويرى القليوبي أن التعامل مع إسرائيل، رغم التعقيدات السياسية، قد يحقق فوائد استراتيجية لمصر، إذ يمكنها التأثير على قرارات تل أبيب وتوازن موازين القوة.

إن الفوائد الاقتصادية لصفقة الغاز تتجاوز الأبعاد السياسية، حيث يتمثل التحدي الأكبر في العثور على طرق أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية للإمدادات البديلة. باختصار، تعكس الصفقة مع إسرائيل استراتيجية مصر لتأمين إمدادات الغاز بتكلفة معقولة، مما يسهم في تعزيز القدرة على النمو الاقتصادي وتطوير الصناعات المحلية.