هجرة جماعية من توفالو بسبب التغير المناخي.. هل حان وقت الإخلاء؟

تبحث توفالو، تلك الدولة الصغيرة المكونة من تسع جزر مرجانية في المحيط الهادئ، عن حل لمواجهة مصيرها المقلق الذي يهدد بغرقها بفعل التغير المناخي. مع سكان يزيد عددهم قليلاً عن 11,000 نسمة، فإن مستقبل هذه البلاد المهددة بموجات الفيضانات القاسية قد يتجه نحو الإخلاء الجماعي لشبابها وعائلاتها.

تهديد الغرق: مياه الفيضانات قد تغمر البلاد

تشير بيانات وكالة ناسا إلى أن توفالو قد تواجه كارثة بيئية حيث من المتوقع أن تغمر المياه جزءًا كبيرًا من أراضيها، بما في ذلك المطار والمنازل ومصادر المياه العذبة بحلول عام 2050. يدرك العلماء أن تأثير تغير المناخ قد يكون طويل الأمد، إلا أن التهديد المباشر بات يطفو على السطح في الوقت الحالي. وفقًا لأبحاث ناسا، ارتفع مستوى سطح البحر حول توفالو بمقدار 15 سنتيمترًا مقارنةً بمتوسط السنوات الثلاثين الماضية. وما يزيد الأمر سوءًا هو أن متوسط ارتفاع توفالو لا يزيد عن مترين فوق مستوى البحر، مما يجعل هذه الإحصائية تمثل تهديدًا حقيقيًا ونذيرًا لواقع مرير.

كارثة وشيكة خلال 25 عامًا

تشير التقديرات إلى أن كارثة وشيكة قد تغمر معظم توفالو خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة. هذه ليست ظاهرة منفردة، بل هي جزء من مشكلة عالمية حيث ارتفع مستوى سطح البحر على المستوى العالمي بمقدار 10 سنتيمترات منذ عام 1993. يعد هذا المعدل مقلقًا خصوصًا عند مقارنته بمعدل الارتفاع في خليج المكسيك، والذي يتجاوز ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي. تتعرض الدول والمناطق ذات الارتفاع المنخفض حول العالم لمخاطر مماثلة، حيث يصبح مستقبل العديد من المجتمعات في خطر.

في نهاية عام 2023، وقعت توفالو معاهدة فاليبيل مع أستراليا، وهي الأولى من نوعها في العالم المتعلقة بالتنقل المناخي. تسمح هذه الاتفاقية لـ 280 مواطنًا توفالويًا بالاستقرار سنويًا في أستراليا كمقيمين دائمين، مع حقوق كاملة في الرعاية الصحية والتعليم والتوظيف. يتم منح التأشيرات من خلال نظام تصويت يضمن العدالة للجميع.

التأثير الثقافي للتغير المناخي

لا يُعَدّ خطر تغير المناخ في توفالو مهددًا ماديًا فحسب، بل يؤثر أيضًا على الوجود الثقافي لهذه البلاد. تعتبر تقاليد الصيد، والترابط المجتمعي، والارتباط الروحي بالأرض جزءًا أساسيًا من الهوية الوطنية للبلاد. ومع تزايد كثافة العواصف وزيادة تكرار الفيضانات، بدأت عائلات توفالو تشهد فقدان منازلها وتراثها الثقافي. رغم أن توفالو تعتبر واحدة من أصغر دول العالم بمساحة تبلغ 26 كيلومترًا مربعًا، فإن ما حدث بعد أربعة أيام من توقيع الاتفاقية يتحدث عن أزمة حقيقية؛ حيث تم تقديم 8750 طلب هجرة، مما يعكس رغبة أكثر من ثلث سكان البلاد في البحث عن فرص جديدة.

تتزايد هذه الرغبة بين العائلات الشابة التي تتطلع إلى تعليم مستدام وفرص عمل آمنة في أستراليا. ورغم أن برامج التأشيرات لا تذكر التغير المناخي بشكل مباشر، إلا أن القادة في توفالو يصفون ارتفاع مستوى سطح البحر بالتهديد الوجودي. وكما صرحت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ، توفر هذه الاتفاقية الفرصة لسكان توفالو للانتقال بكرامة أمام التحديات المناخية المتزايدة التي تهدد مستقبلهم.