شراكة استراتيجية جديدة بين الإمارات وروسيا.. ماذا تعني للعالم؟

الإمارات وروسيا: شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد

تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال دبلوماسيتها النشطة إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول الكبرى، ومنها روسيا، حيث أظهرت الزيارة الرسمية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، إلى روسيا الاتحادية، التزام الإمارات العميق بتوسيع تعاونها في مجالات متعددة. وقد أجري الحوار مع الرئيس فلاديمير بوتين حول تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتنسيق في قضايا إقليمية ودولية، مما يدل على الموقف الراسخ للعلاقات الإماراتية الروسية التي تعود لأكثر من خمسة عقود.

تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وروسيا

يتجاوز الالتزام بالشراكة بين الإمارات وروسيا الجوانب السياسية، ليمتد إلى مجالات اقتصادية وثقافية متعددة. وتؤكد الإمارات على أهمية عدم الانحياز وتمتين العلاقات من خلال التعاون القائم على المصالح المشتركة. وقد اتسمت الزيارة الأخيرة بتوقيع اتفاقيات حيوية، من بينها «اتفاقية تجارة الخدمات والاستثمار»، والتي تمثل تحولاً نوعياً في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تعزز هذه الاتفاقيات مجالات مثل التكنولوجيا المالية والرعاية الصحية.

تجسد هذه الشراكة رؤية إماراتية واضحة تدرك أهمية الانتقال من علاقات تقليدية إلى نماذج أكثر تكاملاً، مما يسهم في تحقيق النمو المستدام والابتكار. كما يُظهر التعاون في مجالات النقل واللوجستيات توسعًا في نطاق العلاقات، مما يعكس رؤية الإمارات للاستثمار في شراكات استراتيجية في مشهد عالمي ديناميكي ومتغير.

آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الإمارات وروسيا

عند الحديث عن العلاقات التجارية، يُظهر حجم التبادل غير النفطي الذي بلغ حوالي 11.5 مليار دولار في عام 2024، بالإضافة إلى النمو الاستثنائي بنسبة 75% في النصف الأول من عام 2025، ديناميكية متصاعدة من شأنها دفع العلاقات الاقتصادية إلى مستويات أعلى من التكامل. ويعكس هذا التقدم قدرة الإمارات على جذب الاستثمارات الروسية، حيث تستقطب بيئتها الاستثمارية أكثر من 4000 شركة روسية و650 علامة تجارية، مما يجعلها بوابة مركزية للأنشطة الروسية في المنطقة.

بالمقابل، تُظهر الاستثمارات الإماراتية في روسيا التي تتجاوز 80% من مجمل الاستثمارات العربية، قدرة دولة الإمارات على استثمار أدوات القوة الناعمة. وهذا يؤكد أن العلاقة بين الدولتين ليست مجرد شراكة تجارية، بل نموذج متقدم في توسيع دائرة التأثير الجغرافي والاقتصادي على مستوى عالمي.

توجهات السياسة الخارجية الإماراتية

قبل كل شيء، تعكس العلاقة مع روسيا تحولًا في مقاربة الدولتين تجاه التحديات العالمية. حيث تتبنى الإمارات سياسة خارجية تركز على بناء علاقات مرنة مع القوى الكبرى، مما يضمن أمنها الاقتصادي أمام التغيرات الجيوسياسية السريعة. يتجلى هذا التعاون من خلال تنسيق الجهود في مجال الطاقة، حيث تعمل الإمارات وروسيا معًا عبر تحالف «أوبك بلس» لتحقيق استقرار الأسواق وضمان توازن الإمدادات.

إجمالاً، تشكل العلاقات الإماراتية الروسية مثالاً يُحتذى به في كيفية بناء شراكات استراتيجية متعددة الأبعاد، توظف المصالح المتبادلة وتعزز من فرص التنمية المستدامة. ومع تزايد تعقيدات النظام الدولي، أصبح من الضروري استثمار هذه الشراكات لتلبية احتياجات المستقبل وتنمية الاستقرار الإقليمي والدولي.