جاذبية الصرف.. الجنيه يعود بقوة ويرسم مستقبل تجارة الفائدة في الأسواق المالية

الجنيه المصري في تجارة الفائدة المستمرة: تحليل لجاذبيته المتجددة وتأثيراتها الاقتصادية

أصبح الجنيه المصري في تجارة الفائدة محور اهتمام متزايد بفضل عائداته المرتفعة واستقراره النسبي، مبشراً بجذب المستثمرين في الأسواق الناشئة. يتعزز جاذبية الجنيه في تجارة الفائدة نتيجة عوامل متعددة، من بينها ضعف الدولار الأمريكي، وتحسن تحويلات المصريين في الخارج، وانتعاش قطاع السياحة، وارتفاع العوائد على أدوات الدين المحلية، ما يشي باستمرار قوة العملة على المدى المتوسط.

عوامل تعزيز جاذبية الجنيه المصري في تجارة الفائدة

يؤكد تقرير بنك “يو بي إس” أن أدوات الدين بالجنيه المصري قصيرة الأجل، لا سيما لأجل ثلاثة أشهر، تقدم عائدًا اسميًا يقارب 19% سنويًا، مما يجعل الجنيه خيارًا جذابًا للمستثمرين، حتى في حال خفض البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل تخفيف السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. إن استقرار سعر الصرف الحاضر، بعد سلسلة تخفيضات سابقة، يزيد من جاذبية الجنيه في تجارة الفائدة، إذ أن انخفاض تقلبات العملة يحسن العوائد المعدلة حسب المخاطر، ليتحول الجنيه إلى أحد العملات المفضلة في هذا المجال.

يُشير الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح إلى أن الجنيه المصري يعيش حالة استقرار نسبي بعد فترة من التذبذب، ويعزز ذلك جاذبية أدوات الدين قصيرة الأجل، في ظل ارتفاع العوائد مقارنة بأسواق أخرى. كما يلقي الضوء على أهمية مراقبة التضخم والتدفقات الأجنبية، حيث يمكن لأي هزة اقتصادية أن تؤثر سلبًا على جاذبية الجنيه في تجارة الفائدة.

  • عائدات مرتفعة لأدوات الدين بالجنيه تصل إلى 19% سنويًا
  • استقرار سعر الصرف يقلل من المخاطر ويزيد الثقة
  • تحسن تحويلات العاملين بالخارج يدعم السيولة
  • انتعاش قطاع السياحة يساهم في تعزيز النقد الأجنبي

ارتفاع تحويلات المصريين وتأثيرها على مزايا الجنيه في تجارة الفائدة

شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفاعًا كبيرًا خلال بداية عام 2025، حيث بلغت 26.6 مليار دولار خلال ثمانية أشهر، بزيادة قدرها 47.2% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي التي سجلت 18.1 مليار دولار، وفقاً للبنك المركزي المصري. وارتفعت التحويلات الشهرية في أغسطس وحده إلى 3.5 مليار دولار مقابل 2.6 مليار في أغسطس 2024، مما يعكس استمرار تدفق العملات الأجنبية ومحسنًا لإيرادات النقد الأجنبي.

يشير الخبير المصرفي إلى أن العائد المرتفع على أدوات الدين، إلى جانب استقرار سعر الصرف والسيولة في السوق، مجتمعة توفر للمستثمرين الأمان المطلوب، وهو ما يدعم بقاء الجنيه ضمن قائمة العملات القوية في الأسواق الناشئة. كما ساعد الهدوء النسبي في التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، عقب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، في تقليل الضغوط الإقليمية على الاقتصاد المحلي، رغم استمرار الغموض بشأن إيرادات قناة السويس التي شهدت تراجعًا ملحوظًا خلال 2024/2025.

توقعات نمو الاقتصاد المصري وتأثيرها على سوق الجنيه في تجارة الفائدة

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 4.5% خلال العام المالي 2025/2026، دعمًا بالتدفقات السياحية والتحويلات الخارجية، مع توقع هبوط معدل التضخم إلى حوالي 11.7%، وهو ما يعزز استقرار السياسات النقدية وسوق الصرف المحلي، ويشكل عاملًا إيجابيًا لجاذبية الجنيه المصري في تجارة الفائدة.

لكن التقرير يحذر من استمرار العجز الخارجي والمالي، وارتفاع تكاليف الاقتراض، بجانب الضغوط على قطاعات الزراعة والطاقة، مع بقاء التوترات الجيوسياسية القريبة من مصر مصدر تهديد محتمل. كما يُشير إلى أن انخفاض شهية المخاطرة عالميًا أو تصاعد النزاعات التجارية قد يدفع المستثمرين الأجانب لسحب رؤوس الأموال قصيرة الأجل، ما يؤثر سلبًا على أداء الجنيه.

في هذا السياق، يوضح الخبير عز الدين حسانين أن خفض أسعار الفائدة الأمريكية يشجع على زيادة تدفقات رؤوس الأموال الساخنة إلى الأسواق الناشئة، ومنها مصر، التي تستفيد من تراجع العائد على الدولار، مع سياسة نقدية حذرة للبنك المركزي تحافظ على معدلات فائدة مرتفعة، مما يُنشئ فارق عائد مغرٍ. ومع ذلك، فإن استقرار سعر الصرف وثقة المستثمرين في إدارة الدين والتضخم تمثل عوامل حيوية للحفاظ على جاذبية الجنيه.

السنة سعر صرف الجنيه مقابل الدولار المتوقع
يونيو 2026 49.85 جنيهًا
يونيو 2027 52 جنيهًا
يونيو 2028 54 جنيهًا

توقع استطلاع حديث لوكالة رويترز استمرار تراجع الجنيه أمام الدولار تدريجياً خلال السنوات القادمة، مع توقعات بأن يصل السعر إلى 54 جنيهًا بحلول منتصف 2028، إلا أن اهتمام المستثمرين بالأسواق الناشئة يظل مرتفعًا، مدفوعًا بتوقعات النمو العالمي وتحسن التجارة الدولية وخفض أسعار الفائدة الأمريكية، ما يعزز استقرار الجنيه ضمن سلة عملات تجارة الفائدة الجاذبة.

يبقى الجنيه المصري في تجارة الفائدة خيارًا يستحق المتابعة، حيث تتوافر عوامل متعددة تعزز جاذبيته، لكنها مرتبطة بشكل كبير باستقرار الاقتصاد الكلي والسياسة النقدية والتوترات الإقليمية والدولية التي قد تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي ومدى جدوى الاستثمار بالجنيه.