حكم مثير.. مفتي السعودية يثير جدلاً بعد تصريح زيارة الآثار الفرعونية مع افتتاح المتحف الكبير في مصر

زيارة الآثار الفرعونية وحكمها حسب فتوى مفتي المملكة صالح الفوزان وردود دار الإفتاء المصرية

أثارت فتوى مفتي المملكة العربية السعودية الجديد، صالح الفوزان، التي تتعلق بحكم زيارة الآثار الفرعونية في مصر، جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة مع افتتاح المتحف المصري الكبير في القاهرة. هذه الفتوى تعود إلى عام 2023، أي قبل عامين من تعيينه مفتياً للمملكة بقرار ملكي من الملك سلمان، خلفاً للمفتي السابق عبدالعزيز آل الشيخ، وناقشت سؤالاً جوهرياً: هل يجوز زيارة الآثار الفرعونية ورؤية الأجساد المحنطة التابعة لتلك الحضارة؟

وجهة نظر صالح الفوزان حول زيارة الآثار الفرعونية وحكمها الشرعي

تناول الفوزان في فتواه المنشورة على قناته الرسمية في “يوتيوب” سؤالاً حول جواز زيارة الآثار الفرعونية في مصر، حيث أجاب ملمحاً إلى ضرورة تحديد الهدف من الزيارة. إذا كانت الزيارة بغرض الاعتبار والاتعاظ والخوف من الله، فلا مانع شرعي من ذلك، أما إذا كانت بهدف الترفيه أو التعظيم لقدماء الحضارة والثناء عليهم، فهذا غير جائز؛ مستدلاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك حيث أمر بعدم دخول ديار ثمود المعذبين إلا للبكاء على قدرك، مستشهداً بآية الكرسي: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ لتبيان أن الهدف هو الاعتبار والتأمل وليس الإعجاب والتعظيم. هذا الموقف يوضح حدود جواز زيارة الآثار الفرعونية ومدى توافقها مع التعاليم الإسلامية.

موقف دار الإفتاء المصرية من مقتنيات الحضارات القديمة وإقامة التماثيل

في سياق متصل، أعلنت دار الإفتاء المصرية موقف الإسلام من إقامة التماثيل والأعمال الفنية المرتبطة بمختلف الحضارات القديمة مثل المصرية والفارسية والرومانية، مؤكدة أن دراسة التاريخ القديم والنقوش والتماثيل تعتبر ضرورية لفهم العلوم والفنون التي توصل إليها الأولون، تساهم في تقدم البشرية علمياً وحضارياً. فيما يلي أهم النقاط التي وردت في بيان دار الإفتاء:

  • الشعوب القديمة وثقت تاريخها ونشاطاتها من خلال النقوش والتماثيل والرسوم على الحجارة.
  • القرآن الكريم يشجع على السير في الأرض ودراسة آثار الأمم السابقة للانتفاع والعبرة.
  • الحفاظ على هذه الآثار واجب دراسي وتعليمي لترسيخ المعرفة وعلوم الطب والحرب والزراعة.
  • الاحتفاظ بالآثار لا يتعارض مع أحكام الإسلام بل يخدم أغراضاً علمية وعقائدية.

هذا البيان يؤكد جواز جمع وتمثيل آثار الحضارات السابقة ضمن سياق علمي وإيماني، شرط مراعاة القواعد الشرعية.

أهمية التوازن بين زيارة الآثار الفرعونية والاعتبارات الشرعية والعلمية

تثير زيارة الآثار الفرعونية نقاشات متجددة حول آداب النظر إليها وتقييمها. فتوى صالح الفوزان تضبط حدود النية بين الاعتبار والتعلم مقابل التعظيم الذي قد يؤدي إلى التشبه بالماضي بطريقة مخالفة للدين. بينما تؤكد دار الإفتاء المصرية أن الاحتفاظ بالآثار القديمة والتماثيل يفتح آفاقاً مهمة لدراسة تاريخ الأمم وفهم علومهم. لذا، يجب أن يكون الهدف من زيارة الآثار الفرعونية واضحاً وخاضعاً للضوابط الشرعية، مع مراعاة:

الهدف من الزيارة التوجيه الشرعي
الاعتبار والتعلم والعبرة مقبول ومشجع
التفرج والتنزه أو التعظيم مرفوض شرعياً

ويمكن القول إن زيارة الآثار الفرعونية، عند القيام بها بنية الاعتبار والتأمل في تاريخ الأمم السابقة، تكون فرصة لاكتساب المعرفة والوقوف على قصص الأمم والعبر، بما يتوافق مع المبادئ الإسلامية التي تحث على النظر في الأرض والتأمل في مآل السابقين. أما التفاعل مع هذه الآثار بهدف المجازفة بشعور الإعجاب والتمجيد لغير الله فهو أمر مرفوض ومحظور شرعاً. في هذا السياق، تبقى الدول التي تستضيف مثل هذه الآثار مطالبة بإدارة متاحفها بما يحفظ الطابع العلمي والثقافي بعيداً عن الإغراب الدين والعمل على إرشاد الزائرين للغرض السليم من هذه المشاهدات.