نهاية ذا لاين تكشف تعثر نيوم السعودي بين الطموح الهندسي وحدود الفيزياء

ذا لاين نيوم السعودي يمثل مشروعاً حضرياً مستقبلياً بطول 170 كيلومتراً وارتفاع 500 متر، يهدف إلى استيعاب تسعة ملايين نسمة في مدينة خالية من السيارات والانبعاثات، ليكون رمز طموح رؤية 2030 الاقتصادية والاجتماعية، والمبني على الابتكار والتقنية الحديثة. رغم الحماسة الواسعة، يواجه ذا لاين نيوم السعودي تحديات هندسية وبيئية ومالية معقدة تهدد إنجازه ضمن المخطط المعلن.

التحديات الهندسية والفيزيائية التي تواجه ذا لاين نيوم السعودي

منذ الإعلان عن مشروع ذا لاين نيوم السعودي، ظهرت عدة تحديات هندسية غير مسبوقة في عالم البناء؛ حيث تحذر الدراسات من صعوبة إقامة هياكل ضخمة معلقة على ارتفاعات تصل إلى 500 متر، لما قد يؤدي إليه ذلك من حركة اهتزازية تشبه البندول المتأرجح، مما يعقد ثبات المبنى وسلامته. إضافة إلى ذلك، يتطلب الجدار الزجاجي الضخم الموازي لطريق يمتد على 170 كيلومتراً كمية هائلة من المواد مثل الفولاذ والخرسانة، تفوق طاقة الإنتاج العالمي على مدى عقد كامل. وتشير التقديرات الفنية إلى ضرورة وجود شحنة مواد بناء كل ثماني ثوانٍ فقط لإتمام المرحلة الأولى، مما يضع عبئاً لوجستياً ضخماً يصعب تحمله.

التأثير المالي والتمويلي على تقدم مشروع ذا لاين نيوم السعودي

تتجاوز التكاليف الإجمالية لمشروع ذا لاين نيوم السعودي 50 مليار دولار منذ إطلاقه، مع تقارير تُظهر تقليص المرحلة الأولى من عشرين وحدة إلى ثلاث وحدات فقط، وتُكلّف الوحدة الواحدة نحو 48 مليار دولار، وهو مبلغ يصفه الخبراء بالمرهق. مع التغيرات الأخيرة في أسعار النفط وتراجع الاستثمارات الأجنبية، لجأ صندوق الاستثمارات العامة إلى تخفيض المخصصات المالية، مما أدى إلى تحول مشروع ذا لاين نيوم السعودي من خطة تنفيذ محددة الجدول إلى “خارطة تطوير تمتد عبر أجيال”. ويُعتبر هذا التعديل انعكاساً واقعياً للظروف الاقتصادية العالمية وتأثيرها على المشاريع الطموحة.

تحديات بيئية ومعمارية تعوق تنفيذ ذا لاين نيوم السعودي

يواجه ذا لاين نيوم السعودي انتقادات بيئية بسبب موقعه الذي يتقاطع مع مسارات الطيور المهاجرة، مما يهدد التنوع البيولوجي في المنطقة، ويحذر الخبراء من الأثر المحتمل على الحياة البرية. من الناحية المعمارية، يتسم تصميم المدينة بالكثافة العالية التي تقلل من دخول ضوء الشمس الطبيعي، وتحد من تجدد حركة الهواء، الأمر الذي استلزم ابتكار أنظمة متقدمة للتهوية والسلامة، بما في ذلك خطط إخلاء غير مسبوقة في مشاريع بهذا الحجم على مستوى العالم. هذه المعوقات البيئية والمعمارية تضيف طبقة تعقيد جديدة في مسيرة تنفيذ المشروع.

• صعوبة هندسية في رفع هياكل ضخمة معلقة ومثبتة على ارتفاعات عالية
• توفير وتشغيل كميات هائلة من المواد الأساسية للبناء بشكل مستمر
• محدودية التمويل نتيجة تقلبات الأسواق والاقتصاد النفطي
• تأثير بيئي سلبي على الطيور المهاجرة والتنوع الحيوي
• تحديات في توفير تهوية وإضاءة كافيتين ضمن تصميم المدينة المكثف

لا تزال إدارة نيوم تؤكد أن ذا لاين نيوم السعودي يمثل أولوية استراتيجية مستمرة، مع العمل المستمر على تنفيذ مراحل مختارة رغم المعضلات، وتقارير صور الأقمار الصناعية تشير إلى نشاط مستمر في الحفر والبناء في بعض المواقع، إلى جانب تركيز الجهود على مشاريع أكثر واقعية مثل منتجع تروجينا للتزلج وميناء سندالة السياحي، وهو توجه يعكس محاولة التوازن بين الطموح والواقعية. تجربة ذا لاين تحمل دروساً واضحة في كيفية التوفيق بين الرؤى الهندسية الطموحة وقيود التمويل وقوانين الفيزياء والاعتبارات البيئية، وتفتح المجال لإعادة تقييم وتصميم نماذج عمرانية مستقبلية أكثر واقعية وقابلة للتطبيق في السعودية خلال العقود المقبلة.