ارتفاع الدولار المفاجئ في العراق يثير تحديات ومخاوف اقتصادية

سعر صرف الدولار في العراق وتأثيراته على الاقتصاد والموازنة العامة يحتاج إلى تحليل شامل ومستفيض، خاصة في ظل الضغوط المتجددة التي يشهدها السوق مؤخراً، والتي تعكس تحديات مالية وإدارية تتطلب حزمة من الإصلاحات المتكاملة.

ضغوط سعر صرف الدولار في العراق وأسباب ارتفاعه

شهدت الأسواق العراقية ارتفاعاً مفاجئاً في سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، حيث بلغ سعر صرف الدولار 144,000 دينار مقابل 100 دولار في بورصتي الكفاح والحارثية ببغداد، مقارنة مع 142,250 ديناراً صباحاً، بينما سجل سعر البيع في أربيل 143,050 دينار وسعر الشراء 142,900 دينار لكل 100 دولار. هذه التغيرات تعكس عوامل عدة تؤثر على سعر صرف الدولار في العراق، منها تفاقم عجز الموازنة الحكومية وانخفاض أسعار النفط الخام المصدر الرئيسي للإيرادات، بالإضافة إلى تراجع الإيرادات غير النفطية مثل الضرائب والجمارك، والفساد الإداري والمالي الذي يعم معظم قطاعات الدولة. كل ذلك يضع ضغوطاً مستمرة على الدينار العراقي ويدفع باتجاه ارتفاع سعر صرف الدولار كأحد الخيارات التي تلجأ إليها الحكومة.

دور سعر صرف الدولار في العراق ضمن السياسات المالية والنقدية والتحديات المرتبطة بها

على الرغم من أهمية سعر صرف الدولار في العراق كأداة مالية، يؤكد الخبراء على أن تغيير سعر الصرف ليس علاجاً وحيداً لأزمات الاقتصاد العراقي، بل يجب أن يكون جزءاً من حزمة إصلاحات واجراءات متكاملة، أهمها محاربة الفساد وتعزيز الجبايات وتطوير قطاعات الكهرباء والماء وتنظيم المنافذ الجمركية. يقول الخبير الاقتصادي محمود داغر، الذي شغل مديراً في البنك المركزي، إن إجراءات مثل خفض قيمة الدينار أو رفع قيمة الدولار التي اتخذتها الحكومة بين 2020 و2023 ليست كافية لمعالجة الأزمة، فالأزمة أكبر وتتطلب ربط الإنفاق بالإيراد عبر حزمة أدوات متكاملة. كما يؤكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، وجود تعاون عالي بين السياسات النقدية والمالية عبر مبدأ التكيّف النقدي غير المباشر، الذي يدعم الجهاز المصرفي في شراء السندات الحكومية ويضمن استقرار السيولة، بالإضافة إلى الحفاظ على التمويل القصير الأجل للمالية العامة وتسديد الالتزامات المالية من رواتب ومعاشات بأمان في المدى القريب والمتوسط.

تأثير الفساد والتحديات الهيكلية على سعر صرف الدولار في العراق

يلقي الفساد والإدارة الضعيفة ظلالاً طويلة على سعر صرف الدولار في العراق، إذ يرى الخبير هلال الطعان أن الفساد المالي والإداري، إلى جانب انخفاض إيرادات النفط والموارد غير النفطية، يضغط بقوة على الدينار ويؤدي إلى انخفاض قيمته مقابل الدولار. فقد شهد العراق في موازنة 2021 رفع سعر الدولار من 120,000 إلى 145,000 دينار، ما أدى لارتفاع أسعار السلع الأساسية وثار ضغوط كبيرة على الطبقة الفقيرة والمتوسطة. هذا الواقع يعكس نقص وجود سياسات اقتصادية واقعية ومستقرة تنعكس على سعر صرف الدولار بشكل مباشر. في هذه الظروف، يتضح أن ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق يرتبط بعدة تحديات مالية وإدارية وهياكل تحتاج إلى حلول شاملة وفعالة لضمان استقرار الاقتصاد واستمرار قدرة الحكومة على الوفاء بالالتزامات الأساسية.

سعر صرف الدولار في بغداد (لكل 100 دولار) سعر صرف الدولار في أربيل (لكل 100 دولار)
144,000 دينار (منتصف النهار) 143,050 دينار (سعر البيع)
142,250 دينار (صباحاً) 142,900 دينار (سعر الشراء)
  • تفاقم العجز في الموازنة العامة
  • انخفاض أسعار النفط الخام
  • تراجع الإيرادات غير النفطية مثل الضرائب والجمارك
  • الفساد الإداري والمالي وعدم وجود إجراءات رادعة
  • غياب الإصلاحات الحقيقية في قطاعات الكهرباء والماء والتنمية الجمركية

سعر صرف الدولار في العراق يظل مؤشرًا يعكس الواقع الاقتصادي والمالي والسياسي على حد سواء، ويتطلب التعامل معه نهجًا شموليًا قائمًا على إصلاحات عميقة، وليس مجرد تعديل في قيمته، لضمان استقرار الموازنة وحفظ القوة الشرائية للمواطنين في وجه التحديات المتعددة. مع استمرار العمل بالتنسيق النقدي والمالي وحرص الحكومة على توفير متطلبات السيولة، يبقى التركيز منصبًا على تطوير سياسات اقتصادية ترفع من كفاءة الموارد وتحد من الفساد، بما يضمن توازن سعر صرف الدولار وتماسك الاقتصاد الوطني.