ارتفاع قياسي في سعر الفضة مع قوة الطلب الصناعي يتفوق على الذهب

ارتفعت أسعار الفضة بشكل ملحوظ هذا العام مع تزايد الطلب من المستثمرين الباحثين عن التحوط ضد التضخم والاضطرابات السياسية، متجاوزة ارتفاعات الذهب بفرق كبير نتيجة انخفاض المعروض من المعدن النفيس؛ إذ قفز سعر الفضة بنسبة 100% في بداية ديسمبر مقارنة بزيادة الذهب التي بلغت 60%، مما جعل سوق الفضة محور اهتمام المتعاملين ومصادر العرض في حالة ترقب مع بيانات الاقتصاد الأمريكي الحاسمة.

أهمية الفضة واستخداماتها المتعددة وتأثير ارتفاع الأسعار

الفضة ليست مجرد معدن ثمين بريق يخطف الأنظار مثل الذهب، بل تتمتع بخصائص عملية تجعلها عنصراً رئيسيًا في العديد من المجالات الصناعية. فهي موصل كهربائي فائق يُستخدم في تصنيع لوحات الدارات الإلكترونية، المفاتيح الكهربائية، السيارات الكهربائية، والبطاريات؛ بالإضافة إلى دورها الحيوي في صناعة الألواح الشمسية بفضل معجون الفضة المستخدم فيها، كما تُستخدم في طلاء الأجهزة الطبية لتعزيز فعاليتها. ارتفاع أسعار الفضة المستمر يؤثر بشكل مباشر على ربحية الصناعات التي تعتمد عليها، ما يدفع بعض الشركات إلى البحث عن بدائل معدنية لتقليل التكاليف.

إلى جانب الاستخدامات الصناعية، تحتفظ الفضة بمكانة راسخة في مجالات المجوهرات والعملات المعدنية، وتبقى الصين والهند السوقين الأكبر للفضة بفضل القواعد الصناعية الضخمة، العدد الكبير للسكان، والدور الثقافي المهم لمجوهرات الفضة كمخزن قيمة تنتقل عبر الأجيال. كما تستعين الحكومات ودور سك العملات بكميات كبيرة من الفضة لإنتاج العملات ومنتجات أخرى، وبما أن سعر الفضة أقل بكثير من الذهب للأونصة، فإنها تظل متاحة للمستثمرين الأفراد الذين يشهدون تحركات سعر أشد تقلباً خلال فترات ارتفاع أسعار المعادن الثمينة.

خصوصية سوق الفضة وأسباب قفزة الأسعار القياسية هذا العام

عوامل عدة تجعل سوق الفضة فريدة ومختلفة عن الذهب، خصوصًا تنوع استخداماتها الذي يجعل سعرها عرضة لتقلبات متعددة، حيث تتأثر بالتحولات الاقتصادية، دورات التصنيع، سياسات الطاقة المتجددة، وأسعار الفائدة؛ فعندما يشهد الاقتصاد العالمي تعافياً سريعاً، يرتفع الطلب الصناعي على الفضة، بينما في فترات الركود يمثل المعدن خياراً استثمارياً بديلاً. كما أن سوق الفضة أصغر حجمًا وأقل سيولة من الذهب، ما يزيد من سرعة تقلب الأسعار.

يُعزى الارتفاع القياسي لأسعار الفضة جزئياً إلى قطاع الطاقة الشمسية، إذ أن المخزون المخزن في لندن يقدر بنحو 50 مليار دولار فقط مقارنة بـ 1.2 تريليون دولار من الذهب، مع غياب الاحتياطات القابلة للإقراض كالتي يحتفظ بها البنك المركزي لبنك إنجلترا للذهب، بينما لا تتوفر احتياطيات مماثلة للفضة، الأمر الذي يزيد من حساسية السوق لضغوط العرض والطلب.

العوامل التي أدت إلى ارتفاع أسعار الفضة وضغوط السوق خلال 2025

انخفض سعر الفضة كثيراً مقابل الذهب في بداية 2025، ما جذب انتباه المستثمرين بسبب استقطابها بأسعار منخفضة نسبياً، واستفادوا من ذلك لزيادة استثماراتهم فيها وسط بيئة ديون مرتفعة في اقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا واليابان، إلى جانب غياب الحلول السياسية، الأمر الذي أدى إلى تخزين المعدن الأبيض ضمن توجه عام لتقليل التعرض للسندات الحكومية والعملات.

على صعيد الإنتاج، شهدت مناجم الفضة تحديات كبيرة مع انخفاض جودة الخام، وتباطؤ تطوير المشاريع الجديدة نتيجة العقبات التنظيمية والبيئية التي واجهتها الدول الرئيسية المنتجة مثل المكسيك وبيرو والصين، مما أدى إلى تجاوز الطلب العالمي للإنتاج لمدة خمس سنوات متتالية. كما اجتذبت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالفضة استثمارات متزايدة، فيما شهدت السوق تقلبات حادة بسبب التكهنات حول فرض رسوم جمركية أميركية على المعدن، ما دفع المتداولين إلى استغلال اختلافات الأسعار بين بورصة “كومكس” في نيويورك وسوق لندن الفوري.

  • تدفق أكثر من 100 مليون أونصة إلى صناديق الاستثمار بدعم سجلات سبائك فعلية
  • تقلص المخزونات الفورية في لندن بشكل ملحوظ خلال العام
  • ارتفاع تكلفة اقتراض الفضة إلى مستويات قياسية تزامناً مع موسم الأعياد الهندي
المعدن النسبة المئوية للارتفاع في 2025
الفضة 100%
الذهب 60%

انخفضت أسعار الفضة تدريجياً بعد تحقيقها للقمة مع تحقيق المستثمرين أرباحاً، إلا أن تقلباتها لا تزال مرتبطة عن كثب باعتبارات سياسية واقتصادية مثل الرسوم الجمركية المحتملة التي تدرسها الولايات المتحدة بعد تصنيف الفضة من قبل هيئة المسح الجيولوجي الأميركية كواحدة من المعادن الاستراتيجية المهمة، ما يجعل سوق الفضة في حالة ترقب مستمر، ويبرز معدن الفضة كأحد أصول الاستثمار التي تجمع بين القيمة الصناعية والمالية.