أسعار الذهب في 2026 تتجه نحو 4 سيناريوهات بعد ارتفاع قياسي في 2025

الارتفاع القياسي لأسعار الذهب في 2025 وأبرز توقعات أداء الذهب في 2026

شهدت أسعار الذهب خلال عام 2025 ارتفاعات كبيرة تميزت بتحقيق أكثر من 50 مستوى قياسي، نتيجة تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي وضعف الدولار، بالإضافة إلى عوامل أخرى دفعت المستثمرين والبنوك المركزية إلى زيادة استثماراتهم في الذهب كوسيلة لتنويع المحافظ وتحقيق الاستقرار. ويرى مجلس الذهب العالمي أن هذا الأداء سيجعل 2025 من بين أقوى الأعوام في تاريخ عوائد الذهب منذ 1971.

عوامل الارتفاع القياسي في أسعار الذهب خلال 2025

جاء ارتفاع أسعار الذهب في 2025 مدفوعًا بخفض البنوك المركزية الكبرى، مثل بنك الاحتياطي الاتحادي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي، لمعدلات الفائدة، وهو ما ساهم في تعزيز جاذبية المعدن النفيس، لكن هذا وحده لا يفسر الارتفاع، إذ سبق أن قفز الذهب بنسبة 40 إلى 45% قبل خفض الاحتياطي الاتحادي للفائدة بداية 2025. ويشير مصطفى فهمي، الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات في شركة فورتريس للاستثمار، إلى عوامل مؤثرة أخرى منها الحرب التجارية التي أطلقتها الإدارة الأميركية بداية من أبريل/نيسان، مما هز منظومة التجارة العالمية وأثار مخاوف الأسواق، مما زاد الإقبال على الملاذات الآمنة كالذهب. كما أدت التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، خاصة النزاع الإسرائيلي في غزة وتداعياته في المنطقة، إضافة إلى استمرار حرب أوكرانيا، إلى تعزيز دور الذهب كملاذ آمن. كذلك ضغط التضخم المرتفع نسبيًا في الولايات المتحدة على القدرة الشرائية للشعوب، وتأثر النمو الاقتصادي في أوروبا، إذ توقع صندوق النقد الدولي نمواً معتدلاً متوقعًا 1.6% للاقتصادات المتقدمة خلال 2025 و2026، مع نمو خاص للاقتصاد الأمريكي بنسب 2% و2.1% ولمنطقة اليورو 1.2% و1.1% على التوالي.

توقعات أداء الذهب في 2026 وتأثيرات حالة عدم اليقين الجيواقتصادي

تتأثر توقعات أسعار الذهب لعام 2026 بدرجة كبيرة بحالة عدم اليقين الجيواقتصادي التي مازالت قائمة، ويعكس سعر الذهب عادة الأداء المتوقع للاقتصاد العالمي، ما قد يبقيه ضمن نطاق محدد في ظل الظروف الراهنة. ومع ذلك، يشير مجلس الذهب العالمي إلى احتمال استمرار عام 2026 في مفاجأة الأسواق، فقد يحدث مكاسب معتدلة للذهب إذا تباطأ النمو الاقتصادي وانخفضت أسعار الفائدة، بينما في حالة انكماش اقتصادي حاد مع ارتفاع المخاطر العالمية، يمكن أن يحقق الذهب أداءً قويًا. بالمقابل، سينعكس نجاح السياسات الاقتصادية الأميركية على تعجيل النمو وتقليل المخاطر الجيوسياسية ما يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة وقوة الدولار، وبالتالي انخفاض سعر الذهب. كما تلعب طلبات البنوك المركزية واتجاهات إعادة تدوير الذهب دورًا في تحديد أداء المعدن النفيس خلال العام القادم. ويرى محلل الأسواق المالية وليد فقهاء، أنه رغم الهدوء النسبي الحالي، لا تزال هناك سيناريوهات صعود محتملة للذهب، قد تصل إلى 5000 دولار للأوقية بدعم استمرار شراء البنوك المركزية واستمرار التضخم وضعف الدولار والضغوط الجيوسياسية والتوترات الإقليمية.

أبرز سيناريوهات أداء الذهب في 2026 وفرص الشراء والبيع

يرسم مجلس الذهب العالمي أربعة سيناريوهات متوقعة لأداء أسعار الذهب في 2026 بناءً على تطورات الاقتصاد العالمي، سياسات البنوك المركزية، والمخاطر الجيوسياسية:

• سيناريو معتدل: بقاء المؤشرات الاقتصادية ضمن نطاق معتدل مع تراجع محدود في أسعار الفائدة وتحسن تدريجي في التضخم، ما يؤدي إلى استقرار سعر الذهب ضمن نطاق أكثر أو أقل بـ5% مقارنة بنهاية 2025.
• سيناريو تباطؤ اقتصادي محدود: يؤدي إلى تراجع في شهية المخاطرة لدى المستثمرين، حيث يرتفع الذهب بنسبة تتراوح بين 5% و15% بدعم من تراجع الدولار وسياسات نقدية أكثر تيسيرًا.
• سيناريو انكماش اقتصادي حاد: مع تصاعد التوترات الجيوسياسية والاضطرابات التجارية، مما يدفع البنوك المركزية لتخفيف السياسة النقدية بقوة وزيادة الطلب على الذهب، فتسجل مكاسب كبيرة ما بين 15% و30%.
• سيناريو انتعاش اقتصادي واسع: في حال عودة النمو للاقتصاد بقوة يدفع الاحتياطي الاتحادي لتشديد السياسات النقدية أو الحفاظ على الفائدة مرتفعة، مع ارتفاع قوة الدولار، ما يضع ضغوط هبوط على الذهب تتراوح بين 5% و20%.

أما بالنسبة لقرارات الاستثمار، فيرى وليد فقهاء أن اختيار الشراء أو البيع يعتمد على هدف المستثمر؛ فالاستثمار طويل الأجل يشجع على شراء الذهب في ظل عوامل الارتفاع وهيكلية السوق القوية، بينما تمثل الفترة الحالية فرصة مناسبة للمستثمرين قصيري الأمد لجني الأرباح مع توقع تراجعات محتملة في بداية 2026. ويتوقع فقهاء تراجع الذهب إلى نحو 3800 دولار بنهاية 2025، ما يمثل نقطة جذب للمضاربين قبل أن يستأنف المعدن مسيرته الصعودية.