حكم تاريخي.. تحولات كبرى تلوح في الأفق بأسواق الرسوم الجمركية الأمريكية

الأسواق تتأهب لحكم تاريخي حول قانونية الرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضها ترامب في 2023، حيث تراقب الأسواق المالية العالمية بقلق بالغ صدور قرار المحكمة العليا الأمريكية خلال ديسمبر بشأن هذا الملف الحساس، وسط توقعات بتداعيات هامة على تداولات الأسهم والسندات، خاصة أن هذه الرسوم الأصلية كانت سببًا في موجة اضطرابات عميقة ثم استقرار تدريجي في الأسواق العالمية.

شهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تعافيًا سريعًا بعد الخسائر التي لحقت به بداية فرض الرسوم، حيث سجل نموًا استثنائيًا بنسبة 39% منذ أدنى مستوياته في أبريل حتى الإغلاق القياسي في ديسمبر، وفقًا لتقارير “بلومبيرج”، ويعزو خبراء المال هذه القفزة إلى تخفيف شدة الرسوم بالمقارنة مع ما كان مهددًا به، بالإضافة إلى قوة الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي واقتصاد أمريكي نشط يولد أرباحًا قياسية للشركات المختلفة، غير أن التحدي الأكبر يكمن في الحكم المرتقب الذي قد يكون نقطة فاصلة تحدد مستقبل هذه الرسوم وتأثيرها على الأسواق الاستثمارية.

سيناريوهات الحكم المرتقب على قانونية الرسوم الجمركية الأمريكية

يتسم موقف الأسواق بعد صدور حكم المحكمة العليا الأمريكية حول قانونية الرسوم الجمركية الأمريكية بعدم اليقين الشديد؛ فإذا تقرر إبطال الرسوم، تبقى التوقعات مبهمة بشأن الإجراءات المقبلة التي قد تتخذها الإدارة الأمريكية الحالية أو البديلة، إذ بحوزتهم العديد من القوانين التي تسمح بفرض رسوم بديلة بسرعة، مما يدفع المستثمرين لمواصلة متابعة التطورات عن كثب. في المقابل، إذا أقر القضاء قانونية هذه الإجراءات، فقد يُفسح ذلك المجال أمام جولات جديدة من الإجراءات الحمائية الاقتصادية؛ مما يزيد الضغوط على الأسواق العالمية ويؤثر على تدفقات رؤوس الأموال. تدرك الأسواق أن احتمال صدور الحكم ضمن العام الحالي ضعيف، إذ اختتمت المحكمة جلساتها العلنية لعام 2025، ولن تستأنف اجتماعاتها إلا بعد التاسع من يناير، وغالبًا ما تُعلن الأحكام عقب الجلسات الرسمية عبر تلاوة رسمية من منصة المحكمة.

التأثيرات المحتملة لإلغاء أو تثبيت الرسوم الجمركية على الأسواق المالية

يرى معظم المتخصصين أن إلغاء الرسوم الجمركية الأمريكية سيكون له أثر إيجابي واضح على أسهم الشركات الأمريكية، لا سيما في رد الفعل السريع في الأسواق، إذ تعتبر هذه الرسوم ضريبة مباشرة أثرت سلبًا على أرباح العديد من الشركات التي لم تتمكن من تحميل تكاليفها على المستهلكين بالكامل، مما ضيق هوامش أرباحها بشكل مباشر. إضافة إلى ذلك، استرداد المدفوعات الجمركية السابقة يمنح هذه الشركات دفعة مالية قوية، بجانب تحسن ملحوظ في القدرة الشرائية للأسر الأمريكية، حيث أشارت التقديرات إلى أن الأسرة المتوسطة تكبدت نحو 1,200 دولار إضافية خلال الأشهر العشرة الماضية بسبب هذه الرسوم. وفقًا لتوقعات أوهسونج كيون، كبير استراتيجيي الأسهم في “ويلز فارجو”، قد يؤدي إلغاء الرسوم إلى زيادة أرباح شركات مؤشر S&P 500 قبل الفوائد والضرائب بنسبة تصل إلى 2.4% بحلول عام 2026 مقارنة بالعام الحالي. كما يعتقد جيمس سانت أوبين، كبير مسؤولي الاستثمار في “أوشن بارك”، أن الأسواق تعاملت مع الرسوم كما لو كانت ضرائب، وإلغاؤها سيشعل حركة صعودية جديدة.

قطاعات الرابحين والخاسرين من الحكم المرتقب على الرسوم الجمركية الأمريكية

يبرز قطاع المستهلك كمجال رئيسي سيجني فوائد كبيرة من إلغاء الرسوم الجمركية الأمريكية، خاصة الشركات التي تعتمد على وارداتها من دول آسيا، وعلى رأسها الصين، إذ عانت هذه الشركات من ارتفاع تكاليف الإنتاج وتآكل هوامش أرباحها بفعل الرسوم، وباتت الأكثر ترقبًا لاستفادة مالية مباشرة في حال سقوط هذه الرسوم. كما يُتوقع تمدد الأثر الإيجابي إلى قطاع الأثاث المنزلي الذي شهد تقلبات حادة في تكلفة الواردات مؤخرًا، فيما أشار المحلل إريك وولد من “تكساس كابيتال” إلى الفرص المحتملة لشركات الترفيه والمنتجات الترفيهية والهوايات، مع تحسن الأوضاع نتيجة انخفاض تكاليف الاستيراد وزيادة الطلب المتوقع من المستهلكين. كذلك سيُعد القطاع الصناعي من أكبر المستفيدين، إذ أن ارتفاع أسعار المواد المستوردة أضعف الكثير من شركاته، ورغم ذلك تشير تقديرات “ويلز فارجو” إلى أن إلغاء الرسوم سيمكن هذه الشركات من استعادة مبالغ كبيرة دفعت سابقًا، مع خلق فرص للتوسع الاستثماري وتحديث البنية التحتية الإنتاجية.

شهدت أسهم شركات السيارات مثل فورد وجنرال موتورز زخماً إيجابياً خلال جلسات المحكمة الأخيرة، في ظل علامات على تشكيك القضاة في الموقف الرسمي حول الرسوم، رغم أن القضية لا تشمل رسوم قطاع السيارات مباشرة، إلا أن تخفيف الضغط المالي على المستهلكين من شأنه أن يعزز مبيعات السيارات، مؤثرًا إيجابيًا على هذه الشركات. فضلاً عن ذلك، سيجني قطاع النقل واللوجستيات فوائد واضحة من مثل هذا القرار، حيث تقدر مؤسسة “هيدجي” أن إلغاء الرسوم قد يحفز زيادة الطلب على الشحن من قبل المستوردين قبل أي إجراءات جمركية محتملة جديدة، مما سيدعم شركات مثل UPS وFedEx وشركات النقل البري المختصة بشحن البضائع.

لم يحصن القطاع المالي نفسه من التقلبات الناجمة عن الحروب التجارية، حيث شهدت أسهم بنوك كبرى مثل جي بي مورجان وجولدمان ساكس تذبذبات حادة خلال العام على وقع المخاوف من تباطؤ اقتصادي محتمل ينعكس سلبًا على نشاط الإقراض والاستثمار. يرى المحلل أوين لاو من “كلير ستريت” أن إلغاء الرسوم يساهم في خفض توقعات التضخم، ما يمنح الاحتياطي الفيدرالي هامشًا أوسع لخفض أسعار الفائدة، من خلال بيئة مثالية للنمو في حجم القروض وارتفاع عمليات إعادة التمويل، إلى جانب انتعاش واضح في أداء الأسواق المالية، وزيادة القوة الشرائية التي تعزز الإنفاق والنشاط الاقتصادي عموماً.

  • التأثير المحتمل لإلغاء الرسوم على أرباح شركات S&P 500
  • تأثير الحكم على القطاعات الصناعية والاستهلاكية
  • ردود فعل أسواق الأسهم والسندات تجاه سيناريوهات الحكم القادمة
القطاع تأثير إلغاء الرسوم الجمركية عليه
المستهلك ارتفاع الأرباح وتحسن الألمام الشرائي للأسرة
الصناعي استرداد مبالغ وإتاحة فرص توسعية
السيارات تحسن المبيعات بسبب تخفيف الضغوط المالية
النقل واللوجستيات زيادة الطلب والدعم التشغيلي
المالي انخفاض التضخم وتحسين بيئة الفائدة