«جدل شرعي» هل يجوز للمرأة أداء الحج دون محرم؟.. عالم أزهري يجيب

يتساءل كثيرون عن حكم سفر المرأة لأداء مناسك الحج دون محرم في الإسلام، وهو موضوع شغل العلماء والفقهاء منذ زمن بعيد، حيث تتعدد الآراء الفقهية حول هذه المسألة باختلاف المدارس الفقهية، وقد استعرض الدكتور محمد عطا الأزهري، أحد علماء الأزهر الشريف، في تصريحاته الأحكام الفقهية المتعلقة بهذا الموضوع، مع توضيح رأي المذاهب في الشروط التي تتيح للمرأة الحج دون وجود محرم يرافقها.

حكم سفر المرأة للحج دون محرم

وفقًا لجمهور الفقهاء، فإن وجود المحرم أو الزوج يُعتبر شرطًا أساسيًا لوجوب الحج على المرأة، استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ”، وبالتالي إذا لم يتوفر هذا الشرط، فلا يكون الحج مفروضًا عليها، إلا أن هناك بعض المذاهب، مثل الشافعية، التي أجازت سفر المرأة دون محرم بشرط توفر الأمن والمرافقة مع نسوة ثقات، وقد جاء النص في كتب الشافعية بما يبيّن هذا الجواز مع وجود ضوابط صارمة؛ مثل التأكد من تحقق الأمن الكامل أثناء السفر.

هل يجوز الحج فرضًا دون محرم؟

علّق الشافعية على إمكانية الحج دون محرم في حالة الفريضة بأنه جائز بشرط توفر الأمن للمرأة، ووفقًا لأقوالهم فإن ذلك يستند إلى وجوب أداء الحج إذا توفر شرط الاستطاعة، ويشمل ذلك الأمن على النفس، ودليلهم قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، وقد جاء في “تحفة المحتاج” أن المرأة يحق لها السفر للحج مع امرأة ثقة واحدة إذا كانت تأمن خطر الطريق، وهذا القول عمم حج الفريضة ليشمل حالات الضرورة باعتبار الحج فريضة تعبدية عظيمة.

أمثلة وتوضيحات من السنة النبوية

من السنة النبوية الواردة، ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم”، إلا أن العلماء فسروا أن حديث المحرم يتعلق بالسفر غير الواجب أو سفر الترفيه، إذ يختلف عن فرض الحج، وتاريخيًا كانت أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن، يسافرن للحج مع صحابة رجال دون محارم مباشرة، مثلما رافق عثمان بن عفان رضي الله عنه الحج مع زوجات النبي في عهد عمر بن الخطاب.

ختامًا، رغم اختلاف الآراء بين المذاهب الفقهية، فإن الأهم هو تحقيق أمان المرأة أثناء السفر، وهو شرط أساسي في الحج سواء بوجود محرم أو عدمه، وبالتالي يمكن للمرأة أداء مناسك الحج إذا تحققت شروط الأمن، وهو ما يجمع عليه كثير من الفقهاء مراعاةً للواقع ومقاصد الشريعة الإسلامية.