الذهب يتراجع رغم الأزمات العالمية فهل تزيد البنوك المركزية احتياطاتها

شهدت أسعار الذهب اليوم حالة من الاستقرار النسبي على المستوى العالمي والمحلي بعد تراجعات كبيرة شهدتها الأسواق بالأمس، مع استمرار حالة الترقب الناتجة عن التوترات بين إيران والكيان الصهيوني. وفي ظل هذه الظروف، تتباين توقعات الخبراء بشأن التحركات المقبلة لأسعار الذهب، والتي تظل مرهونة بعوامل عديدة مثل التغيرات الجيوسياسية واجتماعات الفيدرالي الأمريكي.

أسعار الذهب عالميًا تتأرجح بين التوترات والتهدئة

بدأت أونصة الذهب اليوم في التداول عند مستوى 3388 دولار تقريبًا، بعد أن وصلت إلى أعلى ذروة لها أمس عند 3451 دولار، قبل أن تتراجع بشكل سريع بنسبة 1.4%. المثير أن هذه الخسائر تأتي وسط استمرار التوترات السياسية في الشرق الأوسط، إلا أن الأنباء التي تحدثت عن احتمالية عقد محادثات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران ساهمت في تهدئة السوق نسبيًا، إلى جانب تصريحات البيت الأبيض بعدم وجود نية للتدخل العسكري المباشر، والتي خفضت من حدة المخاوف.
من جهة أخرى، يبدو أن المستثمرين ينتظرون إشارات جديدة لدعم تحركات الذهب، خاصة مع تضارب الأنباء حول استمرار تلك التوترات أم ذهاب الأطراف المعنية إلى تهدئة الوضع. ومن الجدير بالذكر أن معنويات السوق تأثرت كذلك بتصريحات من الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي زاد المشهد تعقيدًا بتصعيده الخطابي.

اجتماع الفيدرالي الأمريكي وتأثيره على أسعار الذهب

اليوم، تبدأ الأضواء العالمية بالتوجه نحو اجتماع الفيدرالي الأمريكي الذي يدوم يومين، حيث يُتوقع أن يقرر المجلس سياسة الفائدة المستقبلية. وعلى الرغم من عدم ترجيح أي تغيير في سعر الفائدة، إلا أن الأسواق مستعدة لاستيعاب أي مؤشرات قادمة من رئيس الفيدرالي جيروم باول، خاصة فيما يتعلق بالسياسات النقدية في ظل التضخم والتوترات الجيوسياسية.
التوقعات تشير إلى أن الوضوح حول مسار أسعار الفائدة سيكون له تأثير مباشر على الذهب، حيث تعتبر أسعار الفائدة من أبرز العوامل التي تؤثر على جاذبية الاستثمار في المعدن النفيس. وفي حال صدرت تصريحات تدعم توقعات بتثبيت أسعار الفائدة لفترة إضافية، قد يكون لذلك استجابة إيجابية تدفع الذهب نحو الارتفاع.

البنوك المركزية وتعزيز احتياطاتها من الذهب

وفقًا لتقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي، أظهرت البنوك المركزية حول العالم توجهًا واضحًا نحو زيادة حيازاتها من الذهب خلال السنوات الخمس المقبلة، إذ أكد 73 بنكًا مركزيًا نيتهم بذلك مقارنة بنسبة 69% العام الماضي. الدوافع الرئيسية وراء هذا التحول تشمل الحاجة إلى التحوط أمام التضخم، وكذلك تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي وتجنب تقلباته.
التقرير أشار كذلك إلى أن الذهب أظهر مرارًا أداءً قويًا خلال الأزمات الاقتصادية وحتى التوترات السياسية الكبرى، ما جعله خيارًا مفضلًا للبنوك المركزية كأداة لتأمين الاحتياطيات النقدية وتنويعها بعيدًا عن العملات التقليدية.

• التحوط من الأزمات والتقلبات الاقتصادية والسياسية
• تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية كالدولار
• تعزيز استقرار الاقتصادات المحلية على المدى الطويل

أسعار الذهب في مصر: السوق يتنفس الصعداء

أما محليًا، فقد استقرت أسعار الذهب اليوم عند مستوى 4825 جنيهًا للجرام بالنسبة لعيار 21، وهو الأكثر تداولًا في السوق المصري، بعد انخفاض كبير شهدته الأسعار بالأمس عندما وصلت إلى 4920 جنيهًا للجرام. الانخفاض الأخير يعكس موجة من الحركات العرضية بفعل الاستقرار النسبي في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، وهو ما ساند سوق الذهب المحلي.
كما جاء هذا الاستقرار شبه النسبي بفعل تراجع الطلب الملحوظ من جانب المستثمرين الأجانب في أدوات الدين الحكومية، والتي تسببت سابقًا بضغط على سوق الذهب والأصول الأخرى. ومع ذلك، فإن تحركات الذهب عالميًا لا تزال العامل الأكبر الذي يُتوقع أن يُحدد اتجاهات السوق المحلية خلال الأيام المقبلة.

بما أن المستقبل يبدو مليئًا بالمفاجآت غير المتوقعة تزامنًا مع استمرار الأزمات العالمية، تبقى أسواق الذهب في وضع ترقب دائم لأي تغيرات سياسية أو اقتصادية جديدة. إن كنت تنوي الاستمرار بمواكبة مستجدات الأسواق، ننصحك بالاطلاع على مقالاتنا الأخرى حول كيفية تحليل أسعار الذهب عالميًا لتبقى دائمًا في الصورة.