محادثات ChatGPT.. هل يصبح الذكاء الاصطناعي مصدر اعتماد عاطفي مفرط؟

الاعتماد العاطفي المفرط على شات جي بي تي وتأثيره على الشباب أصبح قضية تُثير القلق عالمياً مع تزايد انتشار الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية؛ حيث يلعب شات جي بي تي دورًا متزايد الأهمية في توجيه القرارات الشخصية والاجتماعية، ما يفرض تساؤلات حول مدى صحة هذا الاعتماد وتأثيراته النفسية والاجتماعية بين المراهقين، الذين هم الفئة الأبرز في استخدام هذه التقنية الحديثة.

الاعتماد العاطفي المفرط على شات جي بي تي وتأثيره على القرارات الشخصية للشباب

يشهد العالم نقلة نوعية في طرق التواصل وصنع القرار والتعليم نتيجة التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، وعلى رأس هذه التقنيات يأتي شات جي بي تي من شركة OpenAI الذي جذب اهتمامًا واسعًا لما يوفره من إمكانيات مبهرة. مع ذلك، حذر سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـOpenAI، من الاعتماد العاطفي المفرط على شات جي بي تي، لا سيما بين الشباب والمراهقين الذين بدأوا يتخذون قرارات حياتهم بناءً على ما يوفره الذكاء الاصطناعي من نصائح. وذكر ألتمان في مؤتمر استضافه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن بعض الشباب يعبرون عن عدم قدرتهم على اتخاذ أي قرار دون استشارة شات جي بي تي، وهو ما يشير إلى وجود حالة من التعلق النفسي والعاطفي بهذه التقنية، مما يقلق أهمية تحفيز الوعي الذاتي والخبرة الإنسانية في صنع القرار. هذا الاعتماد لا ينبع من رفض التكنولوجيا نفسها، بل من خطر تحولها إلى مرشد مهيمن في قضايا تحتاج إلى حكم إنساني وفهم عاطفي.

مؤشرات تنامي الاعتماد العاطفي والتفاعل النفسي مع شات جي بي تي بين فئة الشباب

تأكيدات الرئيس التنفيذي لـOpenAI تتماشى مع نتائج تقرير صادر عن منظمة “Common Sense Media”، حيث أظهرت الإحصائيات أن 72% من المراهقين استخدموا رفيقًا ذكيًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي، فيما أعرب نحو 50% منهم عن ثقتهم بالنصائح المقدمة من هذه التقنية “إلى حد ما” أو أكثر. ولاحظ التقرير أن الفئة العمرية الأصغر، من 13 إلى 14 عامًا، تبدي مستوى ثقة أكبر مقارنة بمَن هم أكبر سنًا، مما يعكس تعمق دور الذكاء الاصطناعي في حياة الأجيال الجديدة. هذا الاعتماد يجعل شات جي بي تي يتحول إلى مصدر شبه مطلق لتحديد خيارات الشباب وأسلوب تفكيرهم الاجتماعي والشخصي، وهو ما يثير تساؤلات حول تأثير هذا التوجه على بناء شخصية ومعايير مستقلة ومستقرة نفسيًا.

  • 72% من المراهقين مستخدمون لرفيق ذكي مدعوم بالذكاء الاصطناعي
  • نحو 50% يثقون بطبيعة نصائح الذكاء الاصطناعي بشكل كبير
  • الفئة العمرية بين 13 و14 سنة تظهر اعتمادًا أكبر مقارنة بفئات عمرية أخرى

المخاطر الأخلاقية والنفسية الناتجة عن الاعتماد العاطفي على شات جي بي تي

يعبر سام ألتمان، في إطار مخاوفه من الاعتماد العاطفي المفرط على شات جي بي تي، عن قلقه حيال تلاشي الحدود بين الاستشارة الشخصية الطبيعية والتوجيه الرقمي، حتى وإن كانت النصائح التي يقدمها الذكاء الاصطناعي تفوق في دقتها نصائح معالج بشري. يشير ألتمان إلى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في كفاءة هذه التقنية، بل في فقدان القدرة على التفكير النقدي واتخاذ القرارات المستقلة التي تتطلب وعيًا شخصيًا وتجربة إنسانية. هذا الاعتماد المفرط قد يقود إلى تراجع مهارات الفرد الاجتماعية والشخصية، ويضعف استقلاليته، بالإضافة إلى خضوعه لسلطة نفسية وعاطفية خارجية تتحكم في حياته التي يفترض أن تكون منبثقة من ذاته.

في ضوء هذه الواقع، تظهر مسؤولية أخلاقية واضحة على عاتق مطوري تقنيات الذكاء الاصطناعي والمستخدمين على حد سواء، بالإضافة إلى دور حيوي للأسر والمؤسسات التعليمية والمجتمعية. الجميع مطالبون بالسعي لتحقيق توازن مدروس يضمن استخدام الذكاء الاصطناعي كمساعد رقمي فعال دون المساس بحرية القرار الإنسان ووعيه واستقلاليته.

الجهة المسؤولة الدور المطلوب
OpenAI والمطورون تطوير منتجات تراعي الجوانب النفسية وتحديات الاستخدام المفرط
الأسر والمؤسسات التعليمية تعزيز ثقافة الوعي الرقمي والتوازن بين الاعتماد الرقمي والقرار الذاتي
المستخدمون تبني أُسس استخدام واعٍ ومسؤول للذكاء الاصطناعي بعيدًا عن التبعية العاطفية

يشكل الذكاء الاصطناعي أداة فعالة وقوية عند استخدامها بحكمة ووعي، لكن خطر التحول إلى سلطة عاطفية مهيمنة يستدعي الانتباه والحذر. هذا يتطلب دائمًا الحفاظ على الفرق الجوهري بين النصيحة الرقمية والقرار الإنساني المستند إلى التجربة، المشاعر، والوعي الذاتي، لضمان حياة متزنة ومستقلة بدلًا من حياة موجهة بالكامل عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي.