درجات حرارة قياسية تسجل في يوليو.. ما هي أسباب هذا الارتفاع الملحوظ؟

يعتبر شهر يوليو/تموز من العام 2025 واحدًا من الأكثر سخونة المسجلة على الإطلاق، حيث يبرز إشعار مرصد كوبرنيكوس الأوروبي للمناخ والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، معلنًا أنه احتل المرتبة الثالثة بعد عامي 2023 و2024. إذ سجلت درجات حرارة قياسية في مختلف أرجاء العالم، مما أدى إلى نشوب حرائق هائلة في بعض المناطق.

بلغ متوسط درجة حرارة الهواء السطحي العالمية في يوليو/تموز 16.68 درجة مئوية، وهو أقل بـ 0.27 درجة مئوية فقط عن يوليو/تموز من العام 2023، الذي كان الأكثر حرارة في التاريخ. كما سجّل انخفاضاً طفيفاً قدره 0.23 درجة مئوية مقارنة بالعام الماضي، ورغم ذلك يبقى أعلى بـ 1.25 درجة مئوية من متوسط الحرارة المقدر لفترة ما قبل الثورة الصناعية (1850-1900).

موجات الحر وتأثيرها على القارات

تجاوزت موجات الحر لتؤثر على شعوب وقارات متعددة، ففي أوروبا، وقع متوسط درجة حرارة اليابسة في يوليو/تموز عند 21.12 درجة مئوية، مما يجعل هذا الشهر الرابع الأكثر حرارة في تاريخ القارة. تأثرت السويد وفنلندا بشكل خاص بموجات حر طويلة، حيث تجاوزت درجات الحرارة 30 درجة مئوية، وشملت التأثيرات أيضًا إسبانيا وفرنسا والبرتغال، وفقًا لتقارير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

كما شهد جنوب شرق أوروبا موجات حر شديدة وحرائق غابات، حيث سجلت تركيا رقمًا قياسيًا بلغ 50.5 درجة مئوية. وفي أجزاء من جنوب غربي إيران وشرق العراق، واجه السكان درجات حرارة شديدة تفوق 50 درجة مئوية، مما أدى إلى تعطل إمدادات الكهرباء والماء والتعليم. وفي الوقت نفسه، واجهت الصين أرقامًا قياسية في درجات الحرارة، مع تسجيل فيضانات قد أودت بحياة أكثر من 60 شخصًا.

التغير المناخي: الأبعاد والأرقام القياسية

على مدار العام الماضي، كانت درجات الحرارة أعلى بـ 1.53 درجة مئوية مقارنة بالمستويات قبيل الثورة الصناعية، متجاوزة الحد الحرج المحدد بـ 1.5 درجة الذي تم الإقرار به في قمة المناخ عام 2015 ضمن اتفاق باريس. يشدد الخبراء على أن استمرارية تخطي هذا الحد قد يؤدي إلى تحول مناخي مأساوي في أنظمة الأرض، مما ينذر بعواقب لا يمكن معالجتها.

تقليديًا، يُعتبر يوليو/تموز الشهر الأكثر حرارة في العديد من مناطق نصف الكرة الشمالي، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، بما في ذلك الانقلاب الصيفي الذي يجعل هذا النصف يميل مباشرة نحو الشمس، مما يؤدي إلى أعلى مستويات التعرض للشمس. بالإضافة إلى ذلك، تُساهم الكتل الهوائية الدافئة وأنظمة الضغط الجوي العالية في خلق أجواء مشمسة للغاية.

التحديات المستقبلية والآثار المستمرة للتغير المناخي

تُعزى الزيادة في متوسط درجات الحرارة إلى استخدام البشرية المتزايد للوقود الأحفوري، العملية التي تطلق كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون وتسبب الاحتباس الحراري. وفي هذا الصدد، صرح كارلو بونتمبو، مدير خدمة كوبرنيكوس الأوروبية لتغير المناخ، بأن انتهاء سلسلة الأرقام القياسية بشكل مؤقت لا يعني توقف التغير المناخي. فقد شهدنا تأثيرات متزايدة لهذا العالم الدافئ عبر موجات حر شديدة وفيضانات مدمرة.

يؤكد بونتمبو على ضرورة الاستعداد، مُشيرًا إلى أنه بدون تحقيق استقرار سريع في تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، من المرجح أننا سنواجه تسجيلات جديدة لدرجات الحرارة ورؤية تفاقم آثار تغير المناخ.