أسعار الصرف تتأثر بتغير التدفقات النقدية العالمية في السوق المصري

بينما يتزايد الحديث عن احتمالات قفزات جديدة في سعر صرف الدولار، تكشف التطورات الفعلية في السوق النقدي المصري عن صورة مغايرة. مؤشرات مختلفة تظهر حركة متسارعة في السوق المالية، مدفوعة بتدفقات مالية ضخمة من استثمارات المحافظ الأجنبية قصيرة الأجل، المعروفة باسم “الهوت ماني”. منذ مطلع يوليو 2025، بدأت هذه التدفقات في الظهور بشكل واضح، مشيرة إلى ثقة متزايدة في السوق المصرية.

هزة مالية بمليارات الدولارات

كشف الدكتور أحمد أبوعلى، الباحث والمحلل الاقتصادي، أن السوق المصرية شهدت تدفقات مالية كبيرة تتراوح بين 6 و8 مليارات دولار في يوليو الماضي. هذه الأموال تأتي من مؤسسات مالية دولية تسعى لتحقيق عوائد مرتفعة في بيئات مستقرة. تعتبر هذه التدفقات من المحركات الرئيسية التي ساهمت في تراجع سعر الدولار أمام الجنيه خلال الأسابيع الأخيرة، وتجسد ثقة المستثمرين في قدرة مصر على امتصاص هذه التمويلات.

التوجه نحو السوق: أين تصب الأموال؟

في حديثه لـ”المصري اليوم”، أعلن أبوعلى عن دخول نحو 3.3 مليار دولار من هذه الأموال عبر السوق الثانوية، بينما تم توزيع الحصة الأكبر على السوق الرئيسية. ورغم عدم وجود بيانات رسمية دقيقة عن مشاركة المستثمرين الأجانب، فإن هذا التدفق المالي يتزامن مع اقتراض الحكومة نحو 1.074 تريليون جنيه في يوليو، وهو أعلى معدل اقتراض شهري في تاريخ مصر. بعد احتساب الأموال المدفوعة لسداد أذون وسندات مستحقة، يتضح أن صافي الاقتراض الفعلي يقارب 638 مليار جنيه، مما يعكس ارتباطًا وثيقًا بين الأسواق المحلية والدولية.

اللاعبون الكبار ومصداقية السوق

لا تُعتبر هذه الأموال ناتجة عن مضاربين أو مستثمرين أفراد، بل هي نتاج مؤسسات مالية ضخمة مثل “جولدمان ساكس”، “سيتي بنك”، و”HSBC”. هذه الكيانات تضمن دخول أسواق تتمتع بالثقة والاستقرار النقدي، وتتجنب البيئة الاقتصادية المتقلبة. وجود مثل هذه المؤسسات في السوق المصرية يعد مؤشراً إيجابياً له دلالات قوية على استقرار السياسات النقدية.

بينما تسود تكهنات حول تعويم جديد للجنيه أو ارتفاع الدولار إلى مستويات غير مسبوقة، تظل حركة المؤسسات الدولية دليلاً على قوة الاقتصاد المصري. فلو كانت التوقعات المتشائمة صحيحة، لما استثمرت هذه المؤسسات عشرات المليارات في السوق. أبوعلى يؤكد أن هذه الكيانات تعتمد على مؤشرات واقعية وليست على تصريحات محلية فحسب.

يظهر التحليل الاقتصادي أن الوضع العام في مصر يبدو إيجابيًا، حيث يشهد السوق حالة من الاستقرار النسبي على الأصعدة النقدية، الاقتصادية، والسياسية. وتترقب الأسواق زيارة وفد صندوق النقد الدولي خلال الربع الأخير من العام الجاري، مما يرفع النظرة العامة بإيجابية، لكن يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذه التدفقات قصيرة الأجل إلى استثمارات إنتاجية مستدامة تعيد بناء الاقتصاد على أسس قوية.

  • تدفقات مالية ضخمة تصل إلى 8 مليارات دولار
  • علاقة وثيقة بين السوق المصرية والأسواق الدولية
  • استثمار مؤسسات كبرى يشير إلى الثقة في السياسات النقدية