أسعار الأسهم تتعرض لضغوط شديدة بسبب تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي

في عالم يتسارع فيه تأثير الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، تشهد الأسواق العالمية تحولات عميقة ترسم ملامح مرحلة اقتصادية غير مستقرة، حيث تتقاطع العوامل التكنولوجية والسياسية والاقتصادية. كذلك، يبرز قلق المستثمرين من تأثير هذه التغيرات على الفرص الاستثمارية الآمنة. وفقًا لتقرير شهير صادر عن بلومبيرغ، تم ضخ مليارات الدولارات في ثورة الذكاء الاصطناعي، مما يسهم في ظهور “خاسرين” جدد من بين الشركات، مهددًا قطاعات كاملة بالتغييرات الجذرية.

الذكاء الاصطناعي يسرّع الإزاحة التكنولوجية

تفيد المعلومات الواردة من بلومبيرغ أن قطاعات مثل تطوير المواقع الإلكترونية (ويكس دوت كوم)، وخدمات الصور الرقمية (شترستوك)، وصناعة البرمجيات (أدوبي)، تعتبر من بين أكثر القطاعات عرضة لمخاطر الذكاء الاصطناعي. فقد أظهرت البيانات أن أداء هذه الشركات تدهور بنسبة تصل إلى 22 نقطة مئوية مقارنة بمؤشر “ستاندرد آند بورز 500” منذ منتصف مايو/أيار. يقول دانيال نيومان، الرئيس التنفيذي لمجموعة فوتوروم، إن الاضطراب الذي نواجهه قد يحدث في غضون عامين بدلاً من خمس سنوات كما توقعنا في البداية. تشير التوقعات إلى أن الشركات ذات الكثافة العمالية العالية ستواجه تحديات جسيمة، حتى في حال تمتعها بنماذج أعمال قوية من العصر التقني السابق.

كما أن الإنفاق الضخم من شركات التكنولوجيا العملاقة مثل “مايكروسوفت” و”ميتا”، والذي يصل إلى مئات المليارات، يزيد من حذر المستثمرين. التاريخ يؤكد أن التكنولوجيا الجديدة قد تؤدي إلى انهيارات كبیرة في قطاعات اقتصادية بأكملها، كما حصل مع تراجع نظام التلغراف أمام الهاتف وحالة “بلوكباستر” مع ظهور “نتفليكس”.

تضيق الفجوات التاريخية بين العوائد

وعلى صعيد الأسواق المالية، تكشف البيانات أن الفارق بين عوائد السندات الإيطالية لمدة عشرة سنوات ونظيرتها الفرنسية قد انخفض بشكل ملحوظ إلى 13 نقطة أساس، وهو أدنى مستوى منذ عشرين عامًا، بعد أن تجاوز الفارق 400 نقطة أساس خلال أزمة الديون الأوروبية في 2011 و2012. وقد تمكنت بعض الدول الطرفية مثل إسبانيا واليونان والبرتغال من تعزيز اقتصاداتها وتخفيض إنفاقها، مما جعلها أكثر جذبًا للمستثمرين. إسبانيا على وجه الخصوص تُعتبر اليوم مفضلة لدى الصناديق الاستثمارية بفضل أدائها الاقتصادي الذي يتجاوز نظراءها في الاتحاد الأوروبي.

بينما تبقى ألمانيا في مرتبة آمنة بفضل تصنيفها الائتماني الثلاثي “إيه إيه إيه”، تتعرّض فرنسا لضغوطات، خصوصًا بعد ارتفاع عجز الميزانية إلى مستويات قياسية، مما دفع بعض الصناديق إلى الابتعاد عن استثماراتها فيها.

عوائد منخفضة ومخاطر مرتفعة لمستثمري الأسواق الائتمانية

في أسواق الائتمان العالمية، تشير المعلومات إلى انخفاض الفروق بين السندات الفردية ومتوسط المؤشرات المرجعية إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2009، مما يجعل من الصعب على المستثمرين العثور على عوائد مرضية دون تحمل مخاطر أكبر. تعبر أبريل لاروس، مديرة الاستثمار في “إنسايت إنفستمنت”، عن هذه التعقيدات قائلة: “إنه ليس سهلاً العثور على عوائد أعلى دون إدخال مخاطر مختلفة، ويصبح الأمر أكثر تعقيدًا مع تضييق الفوارق”.

سياق اقتصادي تحت الضغط

تتوالى هذه الظواهر الاقتصادية في وقت يترقب فيه المستثمرون تقرير التضخم الأميركي لشهر يوليو، والذي قد يؤثر على قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. تتوقع تقديرات اقتصاديين من بلومبيرغ أن مؤشر أسعار المستهلكين قد يسجل زيادة ملحوظة، مما يثير المخاوف من ركود تضخمي محتمل.

إن تأثير هذه الأحداث يجعل المستثمرين يعيشون في أجواء من الغموض بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي والقطاع المالي.