موافقة مشروطة.. مصرف ليبيا المركزي يعيد فتح اعتماد Back to Back مع تحذيرات أمنية

Back to Back هو الأسلوب الذي أعاد مصرف ليبيا المركزي السماح به مؤخرًا، رغم ما يرتبط به من مخاطر مالية كبيرة، ما أثار نقاشات واسعة بين الاقتصاديين والمراقبين الماليين. فبعد توقفه لفترة طويلة، عاد هذا النوع من الاعتمادات المستندية ليبرز مجددًا كخطة تثير قلقًا بشأن تأثيراتها على شفافية التعاملات المالية واستهداف الموارد في الاقتصاد الوطني.

تفاصيل السماح مجددًا بأسلوب Back to Back للاعتمادات المستندية

أكد الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لمجلس إدارة المصرف المركزي، محمد أبوسنينة، أن الإدارة الحالية لمنظومة مصرف ليبيا المركزي قررت منح المصارف التجارية حق فتح اعتمادات مستندية باستخدام أسلوب Back to Back، والذي سبق وأن أُوقف العمل به قبل عام 2011 بسبب كثرة المخاطر المرتبطة به، لا سيما الفساد المالي وصرف الأموال في غير الأهداف المخصصة لها، ما أدى إلى توقفه لفترة طويلة إلى أن صدر المنشور رقم (2)/2024 بإعادة العمل به. هذا القرار أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الاقتصادية والرقابية حول الأسباب التي دفعت للعودة لهذا الأسلوب رغم المخاطر المعروفة، ومدى تأثير ذلك على السياسات المالية وتوجيه الموارد.

كيف يُسهم اعتماد Back to Back في تحايل المستوردين وتوجيه الأموال؟

أوضح أبوسنينة أن الاعتماد المستندي بأسلوب Back to Back يقوم على فتح اعتماد جديد يستند إلى قوة اعتماد سابق، مما يخلق فتحات واسعة للتحايل المالي. على سبيل المثال، يمكن للمستورد أن يبدأ باعتماد لاستيراد سلعة محددة مثل الأرز، ثم يستخدم هذا الاعتماد لفتح أخرى لاستيراد سلع مختلفة غير مستهدفة كالحوم المجمدة أو ألعاب الأطفال، أو حتى تغيير بلد المنشأ للسلع، وهو ما يفسح المجال لاستغلال الاعتمادات بطريقة قد تؤثر سلبًا على موارد الاقتصاد الوطني وتحرفها عن الأهداف التنموية. هذه العمليات ساهمت في إنشاء بيئة مالية معقدة يصعب مراقبتها، خصوصًا في ظل عدم وضوح معايير استخدام الاعتمادات وآليات التدقيق.

ضرورة مراجعة السياسات المالية للمصرف المركزي في ظل إعادة اعتماد Back to Back

برزت دعوات من خبراء وشخصيات اقتصادية، من بينهم أبوسنينة، تقتضي ضرورة مراجعة شاملة لسياسات المصرف المركزي المالية، بهدف ضمان توجيه الاعتمادات نحو القطاعات التنموية الحقيقية، بعيدًا عن الممارسات التي قد تضر بالاقتصاد الوطني وتفتح الباب أمام التلاعب المالي. نموذج اعتماد توريد الكتب المدرسية، المتداول على منصات التواصل الاجتماعي، يُعتبر مثالًا حيًا على تطبيق أسلوب Back to Back مع مخاطره المحتملة. ويستلزم ذلك تنفيذ ضوابط صارمة وشروط محددة لاستخدام هذا النوع من الاعتمادات بما يحقق الشفافية ويحد من المخاطر.

  • تحديد القطاعات المستهدفة بدقة في فتح الاعتمادات
  • تعزيز الرقابة على عمليات الاعتمادات المستندية وأساليب استخدامها
  • إعداد تقارير دورية عن حركة الاعتمادات وأساليب تطبيقها
  • تطبيق آليات فحص وتدقيق صارمة على المستوردين والمصارف

يبقى أن إعادة اعتماد أسلوب Back to Back في المصرف المركزي الليبي استجابة لتحولات مالية مختلفة، لكن يجب أن تُصاحَب بضبط وإدارة حذرة خوفًا من تكرار المخاطر التي كانت السبب في إيقافه سابقًا، إذ أن الأوضاع الاقتصادية في ليبيا تتطلب توجيه دقيق للموارد المالية لضمان استقرار السوق وتعزيز التنمية المستدامة دون ثغرات تتيح فساد أو تلاعب مالي، ما يستوجب مراجعة دقيقة ومستمرة لسياسات المصرف المركزي وتحسين آليات مراقبته في المستقبل.