لزيادة الاستثمارات وتحفيز الإنتاج، مصر تصدر 4 شحنات غاز إلى أوروبا عبر محطة إدكو لإسالة الغاز، في خطوة استراتيجية تدعم دور مصر الإقليمي في سوق الغاز الطبيعي المسال. الحكومة سمحت لشركتي “شل” و”بتروناس” بإرسال شحنة رابعة من الغاز إلى الأسواق الأوروبية، لتعزيز التصدير وزيادة فرص الشركات الأجنبية في استكشاف المزيد من الموارد داخل البلاد.
تحفيز الشركات الأجنبية لزيادة الاستثمارات في قطاع الغاز
تسعى الحكومة المصرية من خلال السماح بتصدير 4 شحنات غاز إلى أوروبا إلى دفع الشركات الأجنبية لتكثيف استثماراتها في مجال البحث والتنقيب عن الغاز الطبيعي في مصر، حيث تبلغ سعة الشحنة الواحدة نحو 155 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال. وتُعتبر محطة إدكو مركزًا حيويًا لإسالة الغاز بمشاركة شركتي “شل” و”بتروناس” بالمساواة، حيث تمتلك كل منهما 35.5% من محطة إدكو، بينما تحتفظ الحكومة بما يقرب من 24% عبر الهيئة العامة للبترول وإيجاس، وتملك شركة إنجي الفرنسية 5% من أسهم المحطة.
وأكد مصدر حكومي في تصريحات لـ”الشرق بلومبرج” أن الإنتاج اليومي من الغاز الموجه لمحطة إدكو صعد إلى حوالي 380 مليون قدم مكعب؛ وفق الاتفاق الموقع مع الشركاء الأجانب والذي يسمح بتصدير شحنتين من الغاز المسال شهريًا، لتصل في الإجمال إلى 4 شحنات الآن. هذا التوجه متسق مع الحوافز الحكومية المُعلنة في أغسطس من العام الماضي، والتي تصب في مصلحة الشركات الأجنبية بتقديم امتيازات منها:
- التصدير الجزئي من حصص الإنتاج الجديدة
- استخدام عوائد التصدير في تسوية المستحقات المالية القديمة
- زيادة الأسعار المخصصة لحصص الشركات من الإنتاج
وجاء هذا ضمن خطة مجلس الوزراء لتعزيز النمو وجذب المزيد من الاستثمارات.
المستحقات المالية وسداد 220 مليون دولار لتعزيز الاستقرار المالي
مع تصدير 4 شحنات غاز إلى أوروبا، واصلت الحكومة المصرية تسوية مديونياتها لشركات النفط الأجنبية، حيث سددت نحو 220 مليون دولار في نوفمبر الماضي ضمن خطة رئيسية تهدف إلى إغلاق ملف المديونيات بحلول الربع الأول من 2026. على الصعيد الإنتاجي، تنتج مصر حاليًا نحو 4.2 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز، إلا أن الاحتياجات المحلية تتجاوز ذلك لتصل إلى نحو 6.5 مليار قدم مكعب، مما أجبر مصر على استئناف استيراد الغاز الطبيعي المسال بعد خمس سنوات من تحقيق الاكتفاء الذاتي.
خلال الربع الثالث من عام 2025، استقبلت مصر 52 شحنة من الغاز المسال بتكلفة تتراوح بين 54 و57 مليون دولار للشحنة الواحدة، في ظل أسعار عالمية للغاز تتراوح ما بين 13 و14 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية. ويُوضح مدحت يوسف الرئيس السابق لهيئة البترول أن السماح بتصدير هذه الشحنات يأتي ضمن استراتيجية تشغيلية متوازنة، حيث يؤدي انخفاض درجات الحرارة شتاء إلى تراجع استهلاك الغاز في محطات الكهرباء بنسبة تصل إلى 15%، مترافقًا مع تحسن في كفاءة التشغيل وزيادة مرونة إدارة الموارد لتعزيز إنتاج الشركات الأجنبية.
| البيان | الرقم |
|---|---|
| سعة الشحنة الواحد من الغاز المسال | 155 ألف متر مكعب |
| كمية الغاز الموردة لمحطة إدكو يوميًا | 380 مليون قدم مكعب |
| إجمالي الإنتاج اليومي من الغاز الطبيعي بمصر | 4.2 مليار قدم مكعب |
| الاحتياجات المحلية من الغاز يوميًا | 6.5 مليار قدم مكعب |
| تكلفة الشحنة الواحدة من الغاز المسال المستوردة | 54 – 57 مليون دولار |
| المستحقات المالية المسددة لشركات النفط الأجنبية نوفمبر 2025 | 220 مليون دولار |
شحنات الأوبشن ودورها في مرونة إدارة صادرات الغاز خلال الشتاء
اعتمدت الوزارة في استراتيجيتها الحالية على ما يسمى “شحنات الأوبشن” التي تمكّن الشركات من تأجيل أو إلغاء شحنات الغاز المسال الاختيارية دون أي التزام مالي، لتتناسب مع تقلبات العرض والطلب خلال فصول الشتاء. يشرح مدحت يوسف لـ”تليجراف مصر” أن هذه الآلية تسمح بتوفير مرونة إنتاجية واستراتيجية بما يتوافق مع متطلبات السوق والقيود المناخية، خاصة في ظل تراجع الطلب على الطاقة في الفصول المعتدلة.
وخلال سبتمبر الماضي، أدى اعتدال الطقس وتراجع الطلب إلى تكدس مؤقت في الموانئ المصرية، حيث انتظرت ثلاث ناقلات غاز مسال في المياه الإقليمية حتى تمّ إعادة جدولة التفريغ والتي ساهمت في تنظيم حركة الاستيراد والتصدير دون خسائر. مع هذه المرونة، تحافظ مصر على تحقيق توازن بين تحقيق عوائد التصدير وزيادة الإنتاج المحلي، مما يُحفّز المستثمرين الأجانب على تطوير حقول جديدة وتنمية الموارد الحيوية.
العمل الجاري لا يتوقف عند هذا الحد، إذ جرى توقيع مذكرة تفاهم جديدة بين “إيجاس” و”بي بي” لحفر خمسة آبار غاز إضافية، بينما يستمر حقل “ظهر” في ضخ المزيد من الغاز بما يُضيف 65 مليون قدم مكعب إلى الإنتاج المحلي، لتبقى مصر لاعبًا رئيسيًا في سوق الغاز الطبيعي بالمنطقة.
